السير، وقد سخرها الله تسخيرًا، وأنشد (١):
سَوَاخِرٌ في سَواءِ اليَمِّ تَحْتَفزُ
وتسخرت دابة فلان، ركبتها بغير أجر، ومعنى تسخير الشمس والقمر، تذليلها لما يراد منها، وهو قوله: ﴿كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾ أي إلى وقت معلوم، وهو فناء الدنيا.
وهذا معنى قول ابن عباس (٢) في رواية عطاء، قال: يريد أن (٣) هذا كائن إلى يوم القيامة، وروي عنه (٤) أنه قال: أراد بالأجل المسمى: انتهاؤهما في السير إلى درجاتهما ومنازلهما، وهو قول الكلبي (٥)، قال: للشمس منازل معلومة، كل يوم لها منزل تنزله، حتى تنتهي إلى آخر منازلها، فإذا انتهت إليه لم تجاوزه ثم ترجع، فهذا الأجل المسمى، وللقمر كذلك.
وقوله تعالى: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْر﴾ معنى التدبير: تصريف الأمر على ما يقتضيه مستدبر حاله في عاقبته، والله تعالى يدبر الأمر بحكمته. ﴿يُفَصِّلُ الْآيَاتِ﴾ أي: يبين الآيات التي تدل على قدرته على البعث، وذلك أنهم كانوا يجحدون البعث، فأُعلموا أن الذي خلق السموات وأنشأ هذه الأشياء ولم تكن، قادرٌ على إعادتهم، وهو معنى قوله: {لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ
(٢) "تنوير المقباس" ص ١٥٥، و"زاد المسير" ٤/ ٣٠١، والقرطبي ٩/ ٢٧٩.
(٣) ليس في (ب).
(٤) الثعلبي ٧/ ١٢٠ أ، القرطبى ٩/ ٢٧٩، الرازي ١٨/ ٢٣٣.
(٥) "زاد المسير" ٧/ ١٩.