قال مجاهد (١) وابن عباس (٢) والضحاك (٣)، يعني في الأرض منها عذبة ومنها مالحة، ومنها طيبة تنبت، ومنها سبخة لا تنبت، ونحو هذا قال الفراء (٤)، ولا دليل في الآية على ما ذكروا؛ لأن قوله ﴿قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ﴾ ليس فيه ما يدل على اختلافها في العذوبة والملوحة، وإنما تتبين الفائدة عند قوله: ﴿يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ﴾ وقد كشف ابن الأنباري على هذا، فموضع الآية ومحل الأعجوبة، أن القطع المتجاورة تنبت نباتًا مختلفًا، منه الحلو والعذب والحامض البعيد من الحلاوة، وشربها واحد ومكانها مجتمع لا تفاوت بينها ولا تباين، وفي هذا أوضح آية على نفاذ قدرة الله.
وقوله تعالى: ﴿وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ﴾ الجنة (٥): البستان الذي تجنه الشجر، والمعنى: جنات من أعناب ومن زرع ومن نخيل، والدليل على أن الأرض إذا كان فيها النخل والكرم والزرع (٦) تسمى جنة، قوله تعالى: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا﴾ [الكهف: ٣٢] والنخيل: جمع نخل، يقال: نخلة، والجماعة نخل ونخيل، وثلاث نخلات.

(١) الطبري ١٣/ ٩٧، وأبو الشيخ كما في "الدر" ٤/ ٨٣، و"زاد المسير" ٤/ ٣٠٢.
(٢) الطبري ١٣/ ٩٧ - ٩٨، وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ كما في "الدر" ٤/ ٨٣، و"زاد المسير" ٤/ ٣٠٢. وهو قول عطاء كما في "تفسيره" ص ١٠٤.
(٣) الطبري ١٣/ ٩٨، و"زاد المسير" ٤/ ٣٠٢.
(٤) "معاني القرآن" ٢/ ٥٨.
(٥) "اللسان" (جنن) ٢/ ٧٠٥.
(٦) في (أ)، (ج): (فالزرع).


الصفحة التالية
Icon