قال أبو إسحاق (١): أراد أرضًا يبعد فيها عن أبيه؛ لأنه لم يخل من أن يكون في أرض، ودل على هذا المحذوف قوله ﴿يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ﴾ لأن هذا يدل على أنهم تآمروا في أن يطرحوه في أرض لا يقدر عليه فيها أبوه.
قال ابن الأنباري: تلخيصه: أو اطرحوه أرضًا بعيدة عن أبيه، فلما دل على هذا المضمر قوله ﴿يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ﴾ كان الإضمار سائغًا، ومعنى قوله ﴿يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ﴾ أي: يقبل بكليته عليكم، ويخلص لكم عن شغله بيوسف، يعنون أن يوسف شغله عنا وصرف وجهه إليه، فإذا فقده أقبل إلينا بالميل والمحبة (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ﴾ قال ابن عباس (٣): يريد تحدثوا (٤) توبة بعد ذلك يقبلها الله منكم، وهذا قول عامة المفسرين (٥)، وعلى هذا المعنى ﴿وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ﴾ بإحداث التوبة.
وقال مقاتل بن سليمان (٦): ليس الصلاح هاهنا مقصودًا به (٧) قصد صلاح الدين، لكن المعني به: ويصلح شأنكم عند أبيكم وتغلبوا على قلبه
(٢) الثعلبي ٧/ ٦٤ ب، و"زاد المسير" ٤/ ١٨٤، البغوي ٤/ ٢١٨.
(٣) نقله عنه في "زاد المسير" ٤/ ١٨٤، وذكره الطبري عن السدي ١٢/ ١٥٥.
(٤) في (ج): (يجدونه).
(٥) ومنهم الطبري ١٢/ ١٥٠، والبغوي ٢/ ٢١٨، و"زاد المسير" ٤/ ١٨٤، وابن عطية ٧/ ٤٤٣.
(٦) "تفسير مقاتل" ١٥١أ، نقله عنه في "زاد المسير" ٤/ ١٨٤، والثعلبي ٧/ ٦٤ ب.
(٧) في (ج): (مقصودًا).