طوعًا بسهولة ونشاط، ومن المسلمين من يسجد لله كرهًا، لصعوبة ذلك عليه وإكراهه نفسه على أدائه، وهو في ذلك مسلم يحمل نفسه على الطاعة، ويجذبها إلى الحق، وهو يقبل عليها.
وقال آخرون: يسجد المخلصون لله طوعًا، وبعض المسلمين كرهًا في ابتداء أمره، إلى أن يألف الحق، فعلى هذا لا مدخل للكافرين في الآية، هذا الذي ذكرنا طريقة التخصيص إما بالمسلمين وبعض الكفار، وإما بالمسلمين فقط.
ومن المفسرين من أجراها (١) على العموم فقال: المعنى على ما ذكره المفسرون: أن السجود واجب لله تعالى، فالمؤمن يفعله طوعًا، والكافر يؤخذ بالسجود كرهًا، أي هكذا الحكم في وجوب السجود لله جل وعزَّ، فعلى هذا قوله: ﴿يَسْجُدُ﴾ المراد به الإخبار عمن يسجد طوعًا، وأمر بالإكراه على السجود في حكم الكافر، كأنه قال يؤخذون بالسجود كرهًا، ويكرهون عليه، وهذا (٢) مستبعد من حيث اللفظ. ولأصحاب المعاني في الآية طريقة أخرى، وهو أنهم قالوا (٣): سجود الكافر هو تذلُّله وانقياده لتصريف الله تعالى إياه فيما يريد من عافية إلى مرض، وغنى إلى فقر، وحياة إلى موت، ومعنى السجود الخضوع والتذلل والانقياد، والكافر لا يمتنع من هذا، فهو في حكم الساجد من هذا الوجه أي: المسخّر المنقَاد والمذلّل، كما تقول في سجود الجماد، ونظير هذه الآية قوله تعالى: ﴿بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ﴾ [البقرة: ١١٦]، وقوله: {وَلَهُ

(١) في (ب): (أجرها) من غير ألف.
(٢) (وهذا) ساقط من (أ)، (ج).
(٣) "زاد المسير" ٤/ ٣١٩.


الصفحة التالية
Icon