قال أصحابنا (١): معناه: أنه خالق كل شيء بما يصح أن يكون مخلوقاً، ألا ترى أنه شيء وهو غير مخلوق.
وقال الشافعي (٢) في هذا: إنه من العموم الذي لم يدخله الخصوص، يعني أنه لما ذكر لفظ الخالق، علم أن عمومه بالمخلوقات، وإذا كان كذلك لم يدخله خصوص، لأنه لا مخلوق إلا وهو خالقه، ولما شبه المؤمن والكافر، والإيمان والكفر مثلًا.
١٧ - فقال: ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ﴾ وهي جمع وادي، وهو كل مفرج بين جبال وآكام وتلال. يجتمع إليه ماء المطر فيسيل فيه، هذا قول عامة أهل اللغة (٣) في معنى الوادي، وقال شمر (٤): ودي: إذا سال، قال: ومنه الوَدْي فيما أرى، لخروجه وسيلانه، ومنه الوادي، وعلى هذا الوادي اسم للماء السائل، كالسيل (٥)، والقول هو الأول.
قال أبو علي الفارسي (٦): ﴿فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ﴾ اتساع، والمراد في: سال الوادي، وجرى النهر، ماؤهما، فحذف المضاف، قال: والأودية جمع نادر في فاعل، ولا يعلم فاعلًا جمع على أفعله، ويشبه أن يكون ذلك، ليتعاقب فاعل وفعيل على الشيء الواحد، كعالم وعليم، وشاهد وشهيد،

(١) المراد بأصحابه هنا: الأشاعرة. وما ذكره في معنى الآية صحيح، كما هو قول أهل السنة، وهو رد على المعتزلة المستدلين بالآية على أن القرآن مخلوق. وعلى أن أفعال العباد مخلوقة.
(٢) "الأم" ٧/ ٤٦٢.
(٣) "تهذيب اللغة" (ودي) ٤/ ٣٨٦٥، و"اللسان" (ودي) ٨/ ٤٨٠٣.
(٤) "تهذيب اللغة" (ودي) ٤/ ٣٨٦٥.
(٥) (كالسيل) ساقط من (ج).
(٦) "الحجة" ٢/ ٣٤٠ (بتصرف).


الصفحة التالية
Icon