وقال الزجاج (١): والذي أتوهمه أن المعنى: (ولو أن قرآنًا -إلى قوله- الموتى) لما آمنوا، قال: ودليل هذا القول [قوله: ﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ﴾ إلى قوله ﴿إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ [الأنعام: ١١١]، فجعل الجواب المضمر هاهنا ما أظهر في] (٢) قوله: ﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا﴾ وهو قوله: ﴿مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا﴾، وهذا الذي ذكره هو قول ابن عباس (٣) قال: في قوله: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ﴾ يريد: لو قضيت أن لا يقرأ القرآن على الجبال إلا سارت، ولا على الأرض إلا تخرقت، ولا على الموتى إلا حيوا وتكلموا، ما آمنوا، لما سبق عليهم في علمي.
وذكر الكسائي (٤) في جواب ﴿لَوْ﴾ هاهنا وجوهًا فاسدة يطول ذكرها وبيان فسادها فتركناها.
وقوله تعالى: ﴿بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا﴾ معنى بل: نفي الأول وإثبات الثاني، كأنه يقول: دع ذلك الذي قالوا من تسيير الجبال وغيره، فالأمر لله جمعيًا، لو شاء أن يؤمنوا لآمنوا، وإذ لم يشأ لا ينفع تسيير الجبال، وما اقترحوا من الآيات، وسياق الآية يدل على هذا المعنى وهو قوله: ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا﴾، قال ابن عباس (٥)

(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٤٨.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).
(٣) الطبري ١٣/ ١٥١ نحوه. وانظر: "الدر المنثور" ٤/ ١١٧.
(٤) "إعراب القرآن" للنحاس ٢/ ١٧٢ قال: قال الكسائي: المعنى وددنا لو أن قرآنا سيرت به الجبال فهذا بغير حذف. اهـ.
(٥) الطبري ١٣/ ١٥٤، و"زاد المسير" ٤/ ٣٣١، والقرطبي ٩/ ٣٢٠، وابن المنذر وابن أبي حاتم كما في "الدر" ٤/ ١١٨.


الصفحة التالية
Icon