نفسه، قاله الليث (١). واحتج بهذه الآية وقال: (مثلها) هو الخبر) (٢)، وهذا القول اختيار أبي العباس، قال أبو بكر: سمعت أبا العباس أحمد بن يحيي يذكر هذا ويصححه.
وقال المبرد (٣) في كتاب "المقتضب": التقدير: فيما يتلى عليكم مثل الجنة، واختار أبو علي الفارسي هذا القول ودفع ما سواه، وقال: المثل في الآية بمعنى الشبه، وتعلق قوله: ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ بما قبله علي وجه التفسير له (٤)، كما أن قوله: ﴿خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ﴾ بعد قوله: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ﴾ [آل عمران: ٥٩] تفسير للمثل، وكما أن قوله: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ﴾ [المائدة: ٩] الجملة الثانية تفسير للوعد، ومن ذلك قوله: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ [النساء: ١١] الجملة الثانية تفسير للوصية، وكذلك ﴿فِيهَا أَنْهَارٌ﴾ [محمد: ١٥] و ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [الرعد: ٣٥] تفسير للمثل، ومثله قوله: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ﴾ [إبراهيم: ١٨] فقوله: ﴿أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ﴾ تفسير للمثل.
وقال قوم: المثل هاهنا بمعنى الصفة، قالوا: ومعناها صفة الجنة التي وعد المتقون، قال محمد بن سلام (٥) أخبرني عمر (٦) بن أبي خليفة قال:

(١) "تهذيب اللغة" (مثل) ٤/ ٣٣٤١.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (أ)، (ج).
(٣) "المقتضب" ٣/ ٢٢٥، ونقله عنه الأزهري في "التهذيب" (مثل) ٤/ ٣٣٤١.
(٤) (له): ساقط من (ج).
(٥) "تهذيب اللغة" (مثل) ٤/ ٣٣٤١.
(٦) في (ب): (عن).


الصفحة التالية
Icon