صفة الجنة جنة لم يصح، لأنها لا يكون الصفة، وكذلك لو قلت: شبه الجنة جنة، ألا ترى أن الشبه عبارة عن المماثلة التي بين المماثلين، وهو حدث، والجنة غير حدث، وإذا كان كذلك الأول لا يكون الثاني، والصحيح في هذه الآية ما قاله سيبويه (١)، واعترض ابن الأنباري أيضًا على قول أبي إسحاق بأن قال: لا يجوز أن يحذف من الآية جنة، وهي منونة؛ لأن الاسم لا يخلفه الفعل المستقبل، لا يجوز أن تقول: مررت بيقوم، على معنى: مررت برجل يقوم. وقال بعض النحويين: (مثل الجنة) مبتدأ وخبره محذوف، وتقديره: مثل الجنة التي هي كذا وكذا أجل مثل، وقال مقاتل (٢): معنى الآية شبه الجنة التي وعد المتقون في الخير والنعمة والخلود والبقاء كشبه النار في العذاب والشدة والخلود، وعلى هذا الآية متصلة بما قبلها، ويصير في التقدير، كأنه قال: ولعذاب الآخرة أشق مثل الجنة، أي في الدوام والخلود.
وقوله تعالى: ﴿أُكُلُهَا دَائِمٌ﴾ قال الحسن (٣): يريد أن ثمارها لا تنقطع كثمار تنقطع في غير أزمنتها، وقيل: أراد أن النعمة بأكلها لا تنقطع بموت ولا غيره من الآفات.
وقوله تعالى: ﴿وَظِلُّهَا﴾ أي: أنه (٤) لا يزول ولا تنسخه الشمس (٥).

(١) إلى هنا انتهى النقل عن "الإغفال" ٢/ ٩١١ - ٩٢٤ بتصرف وزيادة وحذف.
(٢) "تفسير مقاتل" ١٩٢ أ.
(٣) "زاد المسير" ٤/ ٣٣٤.
(٤) (أنه) ساقط من (ج).
(٥) "زاد المسير" ٤/ ٣٣٤.


الصفحة التالية
Icon