وقال غيره (١): أراد بالحكم العربي القرآن كله؛ لأنه به يفصل بين الحق والباطل، فهو من هذا الوجه حكم؛ لأنه به يحكم، وقال بعضهم (٢): عنى بالحكم العربي الدين الذي أتى له النبي - ﷺ - جعله حكمًا، لأنه يحكم به، وجعله عربيًّا؛ لأنه أتى به عربيٌّ فنسب الدين إليه.
وقوله تعالى: ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ﴾ الآية. قال المفسرون (٣): وذلك أن المشركين دعوه إلى ملة آبائه، فتوعده الله على اتباع هواهم، قال عطاء عن ابن عباس: يريد مخاطبة لأصحابه، فأما النبي - ﷺ - فمعصوم، فعلي هذا، الخطاب للنبي) (٤) -صلى الله عليه وسلم- والمراد به غيره (٥).
٣٨ - قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ﴾ الآية.
قال الكلبي (٦): عيرت اليهود النبي - ﷺ -، وقالت: ما نرى لهذا الرجل همة إلا النساء والنكاح، ولو كان نبيًا كما زعم لشغله أمر النبوة عن النساء، فأنزل الله هذه الآية، يقول: قد أرسلنا رسلا من قبلك فجعلناهم بشرًا لهم أزواج فنكحوهن، وأولاد أنسلوهم.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ إلا بإطلاقه له الآية، قال أهل المعاني: يعني أن حاله كحال الرسل الذين تقدموا، وأمره في الآيات جار على طريقتهم، في أنهم كانوا لا يأتون بآية

(١) القرطبي ٩/ ٣٢٧، و"البحر المحيط" ٥/ ٣٩٧.
(٢) قال به أبو عبيدة، و"مجاز القرآن" ١/ ٣٣٤، و"زاد المسير" ٤/ ٣٣٦.
(٣) "زاد المسير" ٤/ ٣٣٦.
(٤) ما بين القوسين مكرر في (ب).
(٥) "البحر المحيط" ٥/ ٣٩٧.
(٦) "تنوير المقباس" ١٥٩، و"البحر المحيط" ٥/ ٣٩٧، و"زاد المسير" ٤/ ٣٣٦، القرطبي ٩/ ٣٢٧، و"تفسير كتاب الله العزيز" ٢/ ٣١٣.


الصفحة التالية
Icon