قوله: ﴿كِتَابٌ﴾ مرفوع على خبر الابتداء، المعنى: هذا كتاب أنزلناه (١). وقال صاحب النّظم (٢): ﴿الر﴾ اسم موضوع لجماعة الحروف المعجمة (٣)، فعلى هذا ﴿كِتَابٌ﴾ موضوع في موضع رفع على (٤) خبر الابتداء، كأنه قيل هذه الحروف كتاب أنزلناه، يعني أن الكتاب الذي أنزل مؤلَّف من هذه الحُروف (٥).
وقوله تعالى: ﴿أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ﴾ من صفة الكتاب، ومِثلُ هذا من الكلام: زيد رجل أنفذته إليك، وقوله تعالى: ﴿لِتُخْرِجَ النَّاسَ﴾ سبب لقوله ﴿أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ﴾، فاللام في ﴿لِتُخْرِجَ﴾ معلق بالإنزال، أي: أنزلنا لهذا.
وقوله تعالى: ﴿مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّور﴾ قال ابن عباس: يريد من الشرك إلى الإيمان (٦). قال أبو إسحاق: شبّه الكفرَ بالظلمات لأنه غير

= أقسام أقسم الله بها لتشريف قدر كتابه، وتنبيه العرب الأميين إلى فوائد الكتابة لإخرجهم من حالة الأمِّية. ثم قال وأرجحها أولها، وهذا القول هو الذي اختاره جماعة من المحققين؛ كالفراء والمبرد وابن تيمية والمزي، وابن كثير؛ الذي ذكر مسوغات ترجيح هذا القول؛ وهو أن ذكر القرآن وتنزله عن رب العالمين يرد كثيراً بعد هذه الحروف المقطعة. كقوله: ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾، ﴿الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ﴾، ﴿حم (١) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾،.. انظر: "تفسير ابن كثير" ١/ ٤٠.
(١) وقد ذهب إلى هذا جماعة من العلماء، كالزجاج، ومكي بن أبي طالب، وابن عطية، والعكبري وغيرهم. انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٥٣، و"مشكل إعراب القرآن" ١/ ٤٤٥، و"تفسير ابن عطية" ٨/ ١٩٣، و"إملاء ما منّ به الرحمن" ١/ ٦٥.
(٢) هو أبو علي الحسن بن يحيى بن نصر الجرجاني.
(٣) ذكره ابن عطية في تفسيره ٨/ ١٩٣ بلا نسبة.
(٤) في (ع): (لأنه).
(٥) انظر: "تفسير ابن عطية" ٨/ ١٩٣.
(٦) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي ١/ ٣٠٣ بنصه، وانظر: "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٤٣، وذكره الكرماني في "غرائب التفسير" ١/ ٥٧٣ بلا نسبة.


الصفحة التالية
Icon