فيما مضى من الأيام) (١)؛ ليرغبوا في الوعد فيصدِّقوا، ويحْذروا فيتركوا التكذيب (٢)، ومن الأيام التي أريد بها الدُّول من النعيم (٣) قوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ (٤) [آل عمران: ١٤٠]، والعرب تقول: من ير يومًا (يُرَ به (٥)، معناه: من يرى لنفسه يوم سرور بمصرع غيره، رأى غيرُه مثلَ ذلك اليوم بمصرعه، وكل هذا) (٦) يدل على أنه يُعبَّر باليوم والأيام من حادثات الخير والشر (٧).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ قال ابن عباس: يريد لكل صَبَّارٍ على طاعة الله وعن معاصيه، شكور لأنعم الله (٨)،

(١) ما بين القوسين ساقط من (ش)، (ع).
(٢) لم أقف على من قال به من أهل المعاني، وقد ذكره بعض المفسرين، انظر: "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ٨٤، و"الخازن" ٣/ ٧٠.
(٣) في (ش)، (ع): (النعم).
(٤) يقول القفال -رحمه الله-: المداولة: نقل الشيء من واحد إلى آخر، ويقال تداولته الأيدي إذا تناقلته. انظر: "تفسير الفخر الرازي" ٩/ ١٥. فهذه الآية دليل على أن أيام الله تعالى ليست مقصورة على النعم، بل تشمل النقم كذلك، فقد أُديل المسلمون من المشركين يوم بدر حتى قتلوا منهم سبعين وأسروا سبعين، وأُديل المشركون من المسلمين يوم أحد حتى جرحوا منهم سبعين وقتلوا خمساً وسبعين، فسمَّى إنكسار المسلمين في أُحد أياماً، كما كانت هزيمة قريش في بدر أياماً.
(٥) انظر: كتاب "الأمثال" لأبي عبيد بن سَلاَّم ص ٣٣٤، و"جمهرة الأمثال" للعسكري ٢/ ٢٧٢، و"مجمع الأمثال" للميداني ٣/ ٣١٨.
(٦) ما بين القوسين ساقط من (ع).
(٧) وقد رجّحه ابن عطية -رحمه الله- فقال: ولفظة الأيام تعم المعنيين؛ لأن التذكير يقع بالوجهن جميعاً ٨/ ٢٠٣.
(٨) انظر: "تنوير المقباس" ص ٢٦٨ بنحوه، وورد بلا نسبة في تفسيره الوسيط، تحقيق سيسي ١/ ٣٠٦، وابن الجوزي ٤/ ٣٤٦.


الصفحة التالية
Icon