وقال أهل المعاني: أراد لآياتٍ لكل مؤمن؛ لأن الصبر والشكر من أفعال المؤمنين، والحال لا يخلو من نعمة وشدة، والمؤمن شاكر في أحديهما (١) صابر في الأخرى (٢).
٦ - قوله تعالى: ﴿وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ﴾ وقال في سورة البقرة [٤٩] ﴿يُذَبِّحُونَ﴾ بغير واو؛ لأنه تفسير لقوله: ﴿سُوءَ الْعَذَابِ﴾ فذكر العذاب مجملاً ثم فسَّره بما بعده، ولا تحتاج في تفسيره إلى الواو كما تقول: أتاني القوم؛ زيدٌ وجعفرٌ وعمروٌ، لا تدخل الواو في زيد، لأنك أردت أن تُفسِّر به القوم، ومثل هذا قوله: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ﴾ [الفرقان: ٦٨ - ٦٩]، والآثام (٣) فيه نيَّة العذاب كثيره وقليله، ثم فسره بغير الواو فقال: ﴿يُضَاعَفْ﴾ وفي هذه السورة أدخل الواو لأن المعنى: أنهم يعذبونهم بغير التذبيح وبالتذبيح أيضًا، فقوله: ﴿وَيُذَبِّحُونَ﴾ جنس آخر من العذاب لا تفسير لما قبله، وما في هذه الآية مفسَّر (٤) في سورة البقرة (٥)، وما ذكرنا في معنى طرح الواو وإثباته كله معنى قول الفراء (٦).
(٢) لم أقف على مصدره، وفي هذا المعنى ورد حديث صحيح؛ يقول الرسول - ﷺ -: "عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له" رواه مسلم: الزهد والرقائق/ المؤمن أمره كله خير ٤/ ٢٢٩٥، فقوله: لأن الصبر والشكر من أفعال المؤمنين، أي من خصائصهم، ويؤيده في الحديث قوله: وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن.
(٣) في (أ)، (د): (الأيام)، والمثبت من (ش)، (ع) هو الأظهر.
(٤) ساقطة من (أ)، (د).
(٥) انظر: "البسيط"، تفسير سورة البقرة: ٤٩.
(٦) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٦٨، وورد هذا المعنى في "تفسير الطبري" ١٣/ ١٨٥، =