﴿لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ﴾ فيه وجهان (١) من التفسير؛ أحدهما: أن معناه والذين من بعدهم لا يحصى عددهم ولا يعرف تعيينهم وتحصيلهم إلا الله وحده، وهذا قول ابن عباس لأنه قال: ﴿لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ﴾: لكثرتهم (٢)، فأما النسابون الذين نسبوا القبائل إلى آدم فإنهم لا يدَّعون إحصاء جيمع الأمم بعد عاد وثمود والإحاطة بمعرفة أجناسها وأنواعها لكنهم ينسبون بعضًا يعرفونه ويمسكون عن نسب بعض، وقوم من المفسرين يحملونه على أن أكثر أهل العلم يبطلون من النسب ما جاوز عدنان، ويقولون أولئك أمم لا يَعرف تعيينهم (٣) غير الله -عز وجل- (٤) ولهذا قال ابن مسعود في هذه الآية: كذب النسَّابون (٥)، وقال عروة بن الزبير: ما وجدنا أحدًا يعرف

(١) ذكر أن في تفسيرها وجهين، ولم يذكر إلا وجهاً واحداً.
(٢) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي ١/ ٣٠٨، بلفظه، وورد بمعناه بلا نسبة في "تفسير الطبري" ١٣/ ١٨٧، والسمرقندي ٢/ ٢٠١.
(٣) في (د): (هيبتهم).
(٤) ولذلك جاءت الأقوال مضطربة في ذكر الأسماء والأعداد والسنوات فيما بين عدنان وإبراهيم -عليه السلام-. انظر: "تاريخ الطبري" ١/ ٥١٥ - ٥١٧، و"دلائل النبوة" للبيهقي ١/ ١٧٨ - ١٨٠، و"الروض الأنف" ١/ ١١ - ١٢، و"نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب" ص ٣٢٠.
(٥) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١٣/ ١٨٧ بنصه من طرق، وورد بنصه في "معاني القرآن" للنحاس ٣/ ٥١٨، و"تفسير السمرقندي" ٢/ ٢٠١، و "الماوردي" ٣/ ١٢٤، وانظر: "تفسير البغوي" ٤/ ٣٣٧، والزمخشري ٢/ ٣٩٥، و"الفخر الرازي" ١٩/ ٨٨، و"الخازن" ٣/ ٧٢، و"الألوسي" ١٣/ ١٩٢. وورد هذا الأثر مرفوعاً إلى النبي - ﷺ - في "طبقات ابن سعد" ١/ ٥٦، ولفظه: عن ابن عباس -رضي الله عنه- أن النبي - ﷺ - كان إذا انتسب لم يجاوز في نسبه معد بن عدنان بن أُدد، ثم يمسك ويقول: "كذب النسَّابون" قال الله -عز وجل- ﴿وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا﴾ [الفرقان: ٣٨]، وأورده ابن عطية في "تفسيره" (٨/ ٢٠٦) وقال: وفي مثل ورد قال رسول - ﷺ -: (كذب النسَّابون من فوق عدنان،=


الصفحة التالية
Icon