وقوله تعالى: ﴿وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ﴾ أي: على زعمكم بالإرسال؛ لأنهم لم (١) يُقرُّوا أنهم أرسلوا.
١٠ - قوله تعالى: ﴿قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ﴾ الآية. هذا استفهام معناه الإنكار أي لا شكَّ في الله، والمعنى في توحيد الله، ثم وُصف بما يدل على وحدانيته؛ وهو قوله: ﴿فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ﴾ أي: بالرسل والكتب.

= الشيء. انظر: "الغريب" لابن قتيبة ١/ ٢٣٥، وردّ أبو حيان على اعتراضه قائلاً: ومن سمع حجة على من لم يسمع، هذا أبو عبيدة والأخفش نقلا عن العرب. انظر: "تفسير أبي حيان" ٥/ ٤٠٩، وقد أيّد هذا الرد السمين، وأورده بألفاظ أخرى، أما ابن جرير، فقد أورد قول أبي عبيدة غير منسوب إليه، وضعَّفه من جهة أخرى، فقال: وهذا قول لا وجه له؛ لأن الله عزّ ذِكْره قد أخبر عنهم أنهم قالوا: ﴿إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ﴾ فقد أجابوا بالتكذيب. "تفسيرالطبري" ١٣/ ١٨٩ وقد اعترض أبوحيان على ابن جرير كذلك، فقال: ولا يرد ما قاله الطبري؛ لأن أبا عبيدة يريد أنهم أمسكوا وسكتوا عن الجواب المرضي؛ الذي يقتضيه مجيىء الرسل بالبينات؛ وهو الاعتراف بالإيمان والتصديق للرسل، والحق إن اعتراض أبي حيان -على ابن جرير- ليس في محله، فطالما أمكن حمل الكلام على ظاهره وعلى الحقيقة، فلا حاجة إلى هذه التأويلات، ففي كتاب "القواعد" للمقّري (٢/ ٤٩٧) يقول في القاعدة (٢٥٦): كل ما له ظاهر فهو مصروف إلى ظاهره، إلا لمعارض راجح، وكل مالا ظاهر له فلا يترجح إلا بمرجح.
ويقول الشنقيطي في تفسيره ٣/ ١٠٠، والقاعدة المقررة عند علماء الأصول هي: حمل نصوص الوحي على ظواهرها، إلا بدليل من كتاب أو سنّة، لذلك فالأرجح من هذه الأقوال في معنى الآية: هو القول الأول؛ وهو قول ابن مسعود رضي الله عنه؛ لكونه على ظاهره ولا يحتاج إلى تأويل، وتؤيده آية آل عمران [١١٩]، وقد رجَّح هذا القول كل من: الطبري ١٣/ ١٨٩، والنحاس في معانيه ٣/ ٥١٩، وابن قتيبة في "غربيه" ١/ ٢٣٥ وأيَّد اختياره بقول الشاعر: (يرُدّون في فِيه عَشْر الحسُود) يقول: يعني أنهم يغيظون الحسود حتى يعض أصابعه العشر.
(١) في (أ)، (د): لو، والمثبت من (ش)، (ع).


الصفحة التالية
Icon