يُحكم بزيادتها فقال بعضهم هي: للتبعيض (١)، وذُكِر البعضُ هاهنا وأُريد به الجميع توسعًا (٢).
وقال بعضهم: (مِنْ) هاهنا للبدل (٣)، والمعنى: لتكون المغفرة بدلاً من الذنوب، فدخلت (من) لِتُضمَّن المغفرة معنى البدل من السيئة.

(١) انظر: "غرائب التفسير" ١/ ٥٧٥، و"تفسير الزمخشري" ٢/ ٣٩٥، و"تفسير القرطبي" ٩/ ٣٤٦، وأبو حيان ٥/ ٤٠٩، وابن جزي ٢/ ١٣٨، و"الألوسي" ١٣/ ١٩٦، و"صديق خان" ٧/ ٩٢.
(٢) ذكر المفسرون أقوالاً أخرى في توجيه معنى التبعيض في الآية، انظر: "الكشاف" ٢/ ٣٩٥، و"الرازي" ١٩/ ٩٣ - ٩٤، وأبي حيان ٥/ ٤٠٩، وابن جزي ٢/ ١٣٨.
(٣) انظر: "غرائب التفسير" ١/ ٥٧٥، و"الإملاء" ٢/ ٦٧، و"الفريد في الإعراب" ٣/ ١٥١، و"تفسير القرطبي" ٩/ ٣٤٧، و"الدر المصون" ٧/ ٧٥، و"حاشية الجمل على الجلالين" ٢/ ٥١٧، وقد أنكر الفخر الرازي رحمه الله ورود (من) للبدل في اللغة: فقال: وأما قوله أي الواحدي المراد منه إبدال السيئة الحسنة، فليس في اللغة أن كلمة (من) تفيد الإبدال ١٩/ ٩٤، وهذه الدعوى غريبة من الفخر الرازي، فإذا كان هو ممن يذهب كما ذهب غيره إلى عدم القول بأن (مِنْ) تأتي للبدل، فقد قال بذلك غيره، فكان ينبغي أن ينفي صحة القول بها عنده لا أن ينفيها من اللغة. ومن القائلين بها عند قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾ [آل عمران: ١٠]: الزمخشري ١/ ١٧٦، وأبو حيان ٢/ ٢٨٨، وابن هشام في "مغنيه" ٤٢٢، والزركشي في "البرهان" ٤/ ٤١٩، بل لقد قال أبوحيان -رحمه الله- في قوله تعالى: ﴿أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ﴾ [التوبة: ٣٨]: تظافرت أقوال المفسرين على أن (من) بمعنى بدل؛ أي بدل الآخرة، كقوله ﴿لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً﴾ [لزخرف: ٦٠]: أي بدلاً منكم، وقد أيَّد قوله بقول الشاعر:
فليت لنا من ماء زمزم شربة مبردة باتت على الطَّهيَانِ
أي بدل ماء زمزم، والطَّهيَانُ: عود ينصب في ناحية الدار للهواء تعلق فيه أوعية الماء حتى يبرد "تفسير أبي حيان" ٥/ ٤١، وانظر: "الإملاء" ٢/ ٦٧، و"الدر المصون" ٧/ ٧٥، "حاشية الجمل كل على الجلالين" ٢/ ٥١٧.


الصفحة التالية
Icon