الفراء في هذه الآيهَ (١).
١٤ - قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي﴾ قال صاحب النظم: أشار بقوله ﴿ذَلِكَ﴾ إلى قوله: ﴿وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ﴾ دون ما قبله لأنه قال: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي﴾ وخَوْفُهم لا يكون سببًا لإهلاك الظالمين، وإنما يمون سببًا لإسكانهم (٢) الأرض، وهذا يدل على أن (ذلك) يجوز أن يكون إشارة إلى شيء دون شيء مما تقدمه، كقوله: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٢٥] إشارة إلى إباحة تزويج الأمة، وقد ذكر قبله أحكامًا سوى هذا، وهو قوله: ﴿فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ [النساء: ٢٥] ثم قال: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ﴾ وهو في الظاهر كأنه متصل بهذه القصة، وهو بالمعنى متصل بالقصة التي قبل هذا، وهو قوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا﴾ إلى قوله ﴿مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾.
والمقام هاهنا مصدر كالقيام، يقال: قام قِيَامًا ومُقَامًا (٣).
ومعنى: ﴿خَافَ مَقَامِي﴾ قال ابن عباس: خاف مُقامه بين يَدَيَّ (٤).
وقال الكلبي: مقامه بين يَدَي رب العالمين يوم القيامة (٥)، وهذا قول

= يسلمون. انظر: "الكتاب" ٣/ ٤٧، و"شرح المفصل" ٧/ ٢٣، و "الدر المصون" ٩/ ٧١٣.
(١) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٧٠ - ٧١.
(٢) في (أ)، (د): (لأسكنانهم) والمثبت من (ش)، (ع).
(٣) انظر (قوم) في "المحيط في اللغة" ص ١١٥٢، و"المحكم" لابن سيده ٦/ ٣٦٤، و"المفرادات" للراغب ص ٦٩٠، و"عمدة الحفاظ" ٣/ ٤١٨، و"القاموس المحيط" ص ١٤٨٧.
(٤) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي ١/ ٣١١ بنصه، وانظر: "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٥٠.
(٥) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي ١/ ٣١١ بنصه.


الصفحة التالية
Icon