[الكهف: ٧٩]، أي: أمامهم (١)، ويقال: الموت من (٢) وراء الإنسان، أي: أمامه، وذكر ابن الأنباري وجهًا ثالثًا؛ وهو: أن وراء هاهنا بمعنى بعد (٣)، والكناية فيه تعود إلى اليأس الذي دلَّ عليه قوله: ﴿وَخَابَ﴾ كأنه قال: من بعد يأسه (٤) جهنم، كقول النابغة:
ولَيْسَ وَرَاء اللهِ للمَرْءِ مَذْهَبُ (٥)
أي: وليس بعد الله مذهب.
وقال مقاتل: ﴿مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ﴾ يعني بَعْده (٦)، وهذا على معنى أن جهنم تلحقه، وأن عاقبته تصير إليها؛ كما يقال: وراءك برد شديد؛ أي:

(١) انظر المصادر السابقة.
(٢) (من) ساقطة من (ش)، (ع).
(٣) انظر: "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٥٢، و"الفخر الرازي" ١٩/ ١٠٣، وورد بلا نسبة في "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٥٧، و"تهذيب اللغة" (ورى) ٤/ ٣٨٧٨، و"تفسير الماوردي" ٣/ ١٢٨، و"تفسير القرطبي" ٩/ ٣٥٠، وقد انتصر ابن عطية لهذا المعنى في رده على الطبري وغيره ممن فسَّروا (ورائه) بـ (أمامه)، وذكر أن (وراء) هاهنا على بابها؛ أي: ما يأتي بعد في الزمان. انظر: "تفسير ابن عطية" ٨/ ٢١٧.
(٤) في (أ): (بانيه)، وفي (د): (بابنيه)، وفي (ش)، (ع): (ناسه)، والتصويب من "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٥٢.
(٥) صدره:
حلفتُ فلم أترك لنفسك رِيبةً
"ديوان النابغة" الذبياني ص ٢٧، وورد في "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٥٧، "الأضداد" لابن الأنباري ص ٧٠، و"تهذيب اللغة" (ورى) ٤/ ٣٨٧٩، و"تفسير الماوردي" ٣/ ١٢٨، و"تفسير القرطبي" ٩/ ٣٥٠، و"الألوسي" ١٣/ ٣٠١، وهذا البيت من قصيدة قالها يعتذر بها إلى النعمان بن المنذر ويمدحه.
(٦) "تفسير مقاتل" ١/ ١٩٢ أ، وعبارته: من بعدهم؛ يعني من بعد موته، وانظر: "تفسيرالثعلبي" ٧/ ١٤٨ أ، بنصه، ونقلها عنه.


الصفحة التالية
Icon