به (١)؛ لأنهم أشركوا فيها غير الله؛ كالرماد الذي ذرَّته الريح وصار هباءً لا ينتفع به، وذلك قوله: ﴿لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا﴾ أي: في الدنيا، ﴿عَلَى شَيْءٍ﴾: في الآخرة، قال ابن عباس: يريد لا يجدون ثواب ما عملوا (٢).
وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ﴾ قال ابن عباس: يريد الخسران الكبير (٣)، وعلى هذا يعني بالضلال: ضلالَ أعمالهم وهلاكَها وذهابها، وإذا ذهبت أعمالُهم ذهابَ الرمادِ في عُصوف الريح، فقد كَبُرَ خسرانُهم، ومعنى ﴿الْبَعِيدُ﴾ هاهنا: الذي لا يُرْجَى عَوْده، فهو بعيد من العود؛ لذهابه على الوجه الذي ذُكر، وقال الكلبي (٤): الخطاء الطويل (٥)، فعلى هذا المراد بالضلال هاهنا ضلال الكفار كقوله: ﴿ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ [النساء: ١٦٧] أي بعيد من الهدى والرجوع عنه.
١٩ - قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ الآية. معنى: ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ هاهنا التنبيه (٦) على خَلْق السموات والأرض، وقرأ حمزة والكسائي: ﴿خَالِقَ السَّمَاوَاتِ﴾ على فاعل (٧) فمن قرأ:
(٢) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي ١/ ٣١٥ بنصه، وورد بلا نسبة في "تفسير الماوردي" ٣/ ١٢٩، و"تفسير القرطبي" ٩/ ٣٥٤.
(٣) ورد غير منسوب في "تفسير القرطبي" ٩/ ٣٥٤، و"الخازن" ٣/ ٧٤.
(٤) "الكلبي" ساقط من (د).
(٥) لم أقف عليه.
(٦) لأن الرؤية علمية وليست بصرية. انظر: "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢٠٣، وابن عطية ٨/ ٢٢٣، و"تفسير القرطبي" ٩/ ٣٥٤.
(٧) انظر: "السبعة" ص ٣٦٢، و"إعراب القراءات وعللها" ١/ ٣٣٤، و"الحجة في القراءات" ٢٠٣، و"علل القراءات" ١/ ٢٨٧، و"الحجة للقراء" ٥/ ٢٨، و"حجة القراءات" ٣٧٦، و"الكشف عن وجوه القراءات" ٢/ ٢٥، و"التبصرة" ٥٥٨.