فخفض الياء من (فيِّ) فإن يك ذلك صحيحًا، فهو مما يلتقي من الساكنين فيُخفض الآخِرُ منهما، وإن كان له أصل في الفتح، ألا ترى أنهم يقولون: لي أره منذ (١) اليوم، والرفع في الذال هي (٢) الوجه (٣)، والخفض جائز، فكذلك الياء من مصرخيّ خفضت ولها أصل في النصب، انتهى كلامه، (٤). وقال أبو إسحاق: هذه القراءة عند جميع النحويين ردية مرذولة لا وجه لها إلا وُجَيْه (٥) ضعيف! وهو ما أجازه الفراء من الكسر على أصل التقاء الساكنين، وأنشد:

قالَ لَهَا هَل لكِ يا تا فيِّ قالَتْ له ما أنْتَ بالمَرْضِي
وهذا الشعر مما لا يُلتفت إليه، فليس يُعرف قائل هذا الشعر من العرب (٦)،
(١) في المصدر المنقول عنه (مُذُ).
(٢) الأولى (هو) لأنه يعود على مذكر، وكذلك هو في المصدر.
(٣) لأنها مبنية على الضم. [اللمع في العربية ص ١٣١]، وقد اعترض السمين على الفراء في استشهاده على المسألة بهذا المثال لاختلافهما؛ حيث لم يتوال الكسر في المثال بخلاف القراءة المستشهد لها "الدر المصون" ٧/ ٩٤.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٧٥، نقل طويل تصرف فيه.
(٥) هكذا وردت مصغرة في جميع النسخ مع أنها في المصدر مكبرة (وجه) فلعل لذلك دلالة إن كان من فعل الواحدي لا النُسَّاخ، وهو المبالغة في تضعيف هذا الوجه الذي يُحتج به للقراءة من جهة النحو.
(٦) بلى قد عُرف قائله، هو الأغلب العجلي، ولم يكن نكرة بل هو علَم في عدة ميادين: فقد عدّه ابن الأثير وابن حجر في الصحابة، ومن شهداء الإسلام في نهاوند. انظر: "أسد الغابة" ١/ ١٢٦، و"الإصابة" ١/ ٢٢٥ وعدّه ابن قتيبة أرجزَ الرُجّاز، لأنه أول من شبّه الرجز بالقصيد وأطاله، وقبله بيتان أو ثلاثة انظر: "الشعر والشعراء" ص ٤٠٧، بل لقد بلغ من شهرته أن ينتسب إليه السثمهورون، يقول العجاج: إني أنا الأغلب أضْحَى قد نُشر. المصدر السابق، وأكد أبو شامة نسبة =


الصفحة التالية
Icon