وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ النعمة هاهنا اسم أقيم مقام المصدر يقال: أنعم الله عليه، يُنْعِم إنعامًا ونِعْمَةً، أقيم الاسم مُقَام الإنعام؛ كقولك: أنفقت عليه إنفاقًا ونفقةً، بمعنى واحد (١) ولذلك لم يجمع؛ لأنه في مذهب المصدر، ومعنى قوله: ﴿لَا تُحْصُوهَا﴾: لا يأتوا على جميعها بالعَدِّ لكثرتها، بيانه قوله: ﴿وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا﴾ [الجن: ٢٨] أي أحاط علمه باستيفاء عدد كل شيء.
وقال الكلبي: لا تحفظوها (٢)، وقال أبو العالية: لا تطيقون عدّها (٣)، والقولان قد فُسّر بهما (٤) قوله: ﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ﴾ [المزمل: ٢٠] قال الفراء: علم أن لن تحفظوا مواقيت الليل (٥)، وقال غيره: معناه: علم أن لن تطيقوه (٦).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾ قال ابن عباس: يريد: أبا جهل ظلوم لنفسه كفّار بنعمة ربه (٧)، وقال أبو إسحاق: هذا اسم للجنس، فقصد به الكافر خاصة؛ كما قال: {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي
(٢) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي ١/ ٣٢٨، بلفظه، وورد غير منسوب في "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢٠٨.
(٣) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي ١/ ٣٢٨ بنصه، وورد بنصه بلا نسبة في: "تفسير البغوي" ٤/ ٣٥٤، و"تفسير القرطبي" ٩/ ٣٦٧.
(٤) في (ش)، (ع): (فسرتها)، وفي (د): (فسرهما).
(٥) "معاني القرآن " للفراء ٣/ ٢٠٠ بنصه.
(٦) أخرجه الطبري ٢٩/ ١٤٠، بلفظه عن الحسن وسعيد وسفيان، وورد بلفظه في "تفسير المشكل" ص ٣٦٢، و"تفسير الماوردي" ٦/ ١٣٢، عن الحسن.
(٧) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي ١/ ٣٢٩ بنصه، وانظر: "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٦٥، و"تفسير القرطبي" ٩/ ٣٦٧، والخازن ٣/ ٨٠.