وعلى ما ذكر الفراء (من) دخلت للتبعيض، والتأويل: إني أسكنت بعض ذريتي، وذلك أنه أنزل إسماعيل بعض ذرية إبراهيم، يدل على هذا قول ابن عباس في هذه الآية ﴿إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ يريد: إسماعيل (١)، ﴿بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ﴾ قال: يريد وادي مكة، ومكة كلها واد، والكلام في الوادي قد ذكرنا عند قوله: ﴿فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ﴾ [الرعد: ١٧] والقول الأول: اختيار أبي علي، قال: معناه إني أسكنت من ذريتي ناسًا، فحذف المفعول لدلالة الإسكان عليه (٢).
وقوله تعالى: ﴿عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ﴾ قيل معناه: عند بيتك المحرم الذي كان قبل أن ترفعه من الأرض حتى رفعته أيام الطوفان؛ لأن إسكان الخليلِ إسماعيلَ مكة كان قبل بنائهما البيت، وقيل: عند بيتك المحرم الذي قد مضى في سابق علمك أنه يحدث في هذا الوادي (٣).
وقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ قال ابن عباس: يريد ليعبدوك (٤).
﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾، أبو عبيد عن الأصمعي قال: هَوَى يَهْوِي هُوِيًّا، إذا سقط من عُلو إلى سفْل (٥)، وقال ابن الأعرابي: هَوَت

(١) أخرجه الطبري ١٣/ ٢٣٠، من طريق سعيد بن جبير صحيحة، مع زيادة وأُمّه، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٥/ ٤٧.
(٢) لم أقف على مصدره. وهو قول الفراء.
(٣) ورد بنصه في "تفسير الطبري" ١٣/ ٢٣٣، والثعلبي ٧/ ١٥٧ أ، انظر: "تفسير ابن عطية" ٨/ ٢٥٣، وابن الجوزي ٤/ ٣٦٦، والخازن ٣/ ٨٣.
(٤) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي ١/ ٣٣٢، بلفظه.
(٥) ورد في "تهذيب اللغة" (هوى) ٤/ ٣٨١٣ بنصه، و"الصحاح" (هوى) ٦/ ٢٥٣٨ بنصه تقريباً.


الصفحة التالية
Icon