وما كان مكرهم ليزول منه ما هو مثلُ الجبال في امتناعه ممن أراد إزالته (١)، هذا الذي ذكرنا معنى قول الحسن: كان مكرُهم أوهنَ وأضعفَ من أن تزول منه الجبال (٢)، قال: و (إن) هاهنا بمعنى (ما) (٣)؛كقوله: ﴿لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ (٤) [الأنبياء: ١٧] وقول: ﴿فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ﴾ (٥) [الأحقاف: ٢٦]، وهو كثير، وهذا القول اختيار أبي إسحاق (٦) وأبي بكر وأبي علي (٧).
قال أبو علي: وقد استعمل لفظ الجبال في غير هذا، في تعظيم الشيء وتفخيمه (٨)، قال ابن مُقبل:

إذا مِتُّ عن ذِكرِ القوافي فَلَنْ تَرَى لها شَاعِرًا مِثلي أطَبَّ وأَشْعَرَا
وأكثرَ بَيْتًا شَاعِرًا ضُرِبَتْ به بُطُون جِبَالِ الشِّعْرِ حتَّى تَيَسَّرا (٩)
(١) نقل طويل من "الحجة للقراء" ٥/ ٣١ - ٣٣ من قوله: قال أبو علي، تصرف فيه بالاختصار والتوضيح، والتقديم والتأخير.
(٢) أخرجه الطبري ١٣/ ٢٤٧ بنحوه، وورد في "معاني القرآن" للنحاس ٣/ ٥٤٣ بنصه تقريباً، وانظر: "تفسير البغوي" ٤/ ٣٦٠، وابن الجوزي ٤/ ٣٧٤، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ١٦٥، وعزاه إلى ابن الأنباري.
(٣) لم يقل الحسن -رحمه الله- هذا بلفظه، إنما ذكر الأمثلة التي دلت على معنى ذلك. انظر: "تفسير الطبري" ١٣/ ٢٤٧.
(٤) أي: ما كنا فاعلين. (المصدر السابق).
(٥) أي: ما مكناكم فيه. (المصدر السابق).
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٦٦، وهو اختيار الطبري ١٣/ ٢٤٧، وقد صوّبه وأيدّه بعدة أمور، انظرها.
(٧) "الحجة للقراء" ٥/ ٣١.
(٨) "الحجة للقراء" ٥/ ٣٣ بنصه.
(٩) "ديوان ابن مقبل" ص ١٣٦ وفيه: (لها تالياً) بدل (لها شاعراً)، (مارداً) بدل =


الصفحة التالية