كل قرية أجلًا مؤقتًا قد كتب لهم، لا نهلكهم حتى يبلغوه، نزلت هذه الآية حين استعجلوه بالعذاب (١)، ألا ترى أن بعد هذه الآية لمحوله: ﴿لَوْ مَا تَأْتِينَا﴾ الآية.
قال الفراء: لو لم يكن في (ولها) الواو كان صوابًا، كما قال في موضع آخر، ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ﴾ [الشعراء: ٢٠٨] وهو كما تقول في الكلام: ما رأيت أحدًا إلا وعليه ثياب، وإن شئت: إلا عليه ثياب (٢).
قال صاحب النظم: والفرق بينهما أن دخول الواو يقلب حال ما بعدها إلى الابتداء، وخروجها منه يدل على أن ما بعدها في موضع حال، اعتبارًا بقولك: ما أهلكنا من قرية إلا ظالمًا أهلها، فيكون نصبًا على الحال، فإذا دخلت الواو قلت: إلا وأهلها ظالمون، فقلبت الواوُ الحالَ (٣) إلى أن جعلتها مبتدأة، فانقلبت رفعًا عن النصب، وهذا فرق من حيث اللفظ، والمعنى واحد، أثبتَّ الواو أو حذفتَها.
٥ - قوله تعالى: ﴿مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ﴾ (من) زائدة مؤكدة كقولك: ما جاءني من أحد، ﴿أَجَلَهَا﴾: ما ضرب لها من الوقت، قال ابن عباس: يريد ما تتقدم الوقت الذي وُقت لها، ﴿وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ﴾: لا يتأخرون عنه، وهذا كقوله: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ﴾ [الأعراف: ٣٤] وقد مرَّ.
قال صاحب النظم: معنى سَبَقَ إذا كان واقعًا على شخص، جاز
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢٨٣ بنصه.
(٣) ساقطة من (د).