١٣ - قوله تعالى: ﴿لَا يُؤْمِنُونَ﴾ هذا عند الزجاج ابتداء كلام؛ كأن الله تعالى أخبر عن هؤلاء المشركين أنهم لا يؤمنون (١).
وقال الجرجاني: قوله: ﴿لَا يُؤْمِنُونَ﴾ رفع موضعه نصب علي تأويل أن لا يؤمنوا به، و (أن) الخفيفة تضمر، فإذا أضمرت لم تعمل؛ كقوله تعالى: ﴿تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ﴾ [الزمر: ٦٤] فعلى هذا قوله: ﴿لَا يُؤْمِنُونَ﴾ تفسير للكناية في قوله: ﴿نَسْلُكُهُ﴾؛ كأنه قيل: نسلك في قلوب المجرمين ألاّ يؤمنوا به، فلما كفّ ذِكْرُ (أن) عاد الفعل إلى الرفع، وهذا معنى قول الفراء؛ لأنه قال: يجعل في قلوبهم ألاَّ يؤمنوا (٢)، والكناية في (به) تعود إلى الذكر؛ الذي هو القرآن في قول ابن عباس (٣)، وفي قول غيره يجوز أن تعود إلى الرسول (٤)، ونظير هاتين الآيتين في المعنى واللفظ قوله في الشعراء: ﴿كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (٢٠٠) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ [الشعراء: ٢٠٠، ٢٠١].
(١) ليس في معانيه.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٨٥ بنصه.
(٣) "تنوير المقباس" ص ٢٧٦ ونُسب إليه القولان؛ هذا والذي بعده، وورد غير منسوب في "تفسير الماوردي" ٣/ ١٥٠، و"البغوي" ٤/ ٣٧٠ وابن عطية ٨/ ٢٨٧، وابن الجوزي ٤/ ٣٨٥، والخازن ٣/ ٩٠، و"الدر المنثور"، والثعالبي ٢/ ٢٠٨.
(٤) ورد في "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢١٥، و"تفسير البغوي" ٤/ ٣٧٠، وابن الجوزي ٤/ ٣٨٥، والخازن ٣/ ٩٠، و"الدر المصون" ٧/ ١٤٧.