فمعنى (أسقيه) أدعو له بالسُقيا، وأقول: سَقاه الله.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَنْتُمْ لَهُ﴾ يعني لذلك الماء المنزل من السماء، ﴿بِخَازِنِينَ﴾ أي بحافظين، يقول ليست خزائنه بيدكم.
٢٣ - قوله تعالى: ﴿وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ﴾ يعني إذا مات جميع الخلائق لم يتبق سواه؛ كقوله: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ﴾ [مريم: ٤٠]. قال أهل المعاني: لمّا كان يزول مُلْكُ كلِّ مَلِكٍ بموته -ويكون اللهُ عَزَّ وَجَلَّ المالكَ الحيَ وَحْدَه- كان هو الوارث لجميع (١) الأملاك (٢).
ومعنى ورث: تَمَلَّك ما كان يملكه الميت قبله، وأملاك الخلائق تبطل وتزول بموتهم، ويبقى المُلك خالصًا لله وحده، فكان وارثًا من هذا الوجه.
٢٤ - قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ قال الليث: تقول: استقدم، أي: تقدم، وضده استأخر، أي: تأخر (٣)، واختلف المفسرون في هذه الآية، فقال ابن عباس في رواية عطاء: ﴿الْمُسْتَقْدِمِينَ﴾ يريد أهلَ طاعةِ الله، و ﴿الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ يريد عن طاعة الله (٤)، وهذا قول الحسن قال: المستقدمون في الطاعة، والمستأخرون
(١) في (أ)، (د): جميع، والمثبت من (ش)، (ع) وهو المنسجم مع السياق.
(٢) ورد هذا المعنى في "تفسير الطوسي" ٦/ ٣٢٩، الفخر الرازي ١٩/ ١٧٧، الخازن ٣/ ٩٤.
(٣) ورد في "تهذيب اللغة" (قدم) ٣/ ٢٩٠٤ بمعناه.
(٤) "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٧٧.