الإشارة في قوله: ﴿هَذَا﴾ يعود إلى طريق العبودية.
وقال بعض أهل المعاني: لمَّا ذَكر إبليسُ أنه يغوي بني آدم إلا من عصمه الله بتوفيقه، تضمن هذا الكلام تفويض الأمر إلى الله تعالى وإلى إرادته (١)، فقال الله تعالى: ﴿هَذَا﴾ أي تفويض الأمر إلى إرادتي ومشيئتي طريق عَليَّ مستقيم، ويؤكد هذا التأويل قراءة مَنْ قرأ: ﴿عُليَّ﴾ بضم الياء (٢)، وهو مدح لذلك الطريق؛ أي: أن طريق التفويض والإيمان بالقَدَر طريق رفيع مستقيم (٣).
٤٢ - قوله تعالى: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ قال ابن عباس: استأثر الله عبادًا واصطنعهم لنفسه، فأخبر إبليسَ باصطناعه إيّاهم، وققال: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ أي: قوة وحجة في إغوائهم ودعائهم إلى الشرك والضلال. وقال سفيان بن عيينة: هؤلاء ثنية (٤) الذين هداهم
(٢) هم: قيس بن عباد، وابن سيرين، وقتادة، ويعقوب وغيرهم، والقراءة من العشر، وفي إيراد ابن جني لها في المحتسب ما قد يوهم أنها شاذة وليس كذلك. انظر: "تفسير الطبري" ١٤/ ٣٣، "المحتَسَب" ٣/ ٢، "المُوضَح في وجوه القراءات" ٢/ ٧٢٠، "النشر" ٢/ ٣٠١.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١٤/ ٣٣ مختصراً عن ابن سيرين، "علل القراءات" ١/ ٢٩٦، "المُوضَح في وجوه القراءات" ٢/ ٧٢٠، "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٨٩ وقد نقل هذا القول بنصه ونسبه للواحدي.
(٤) أي استثناء، ومنه قول كعب: الشهداء ثنية الله في الأرض، يتأول قول الله تعالى: ﴿وَنُفِخَ في الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ في السَّمَاوَاتِ وَمَنْ في الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ الله﴾ [الزمر: ٦٨] فالذين استثناهم من الصعق -عند كعب- الشهداء. انظر: "تهذيب اللغة" (ثنى) ١/ ٥٠٧.