على أن المراد بنهيه من مد العين نهيه عن التطلع إليه رغبة فيه، وإنما يكون مادًا عينيه إلى الشيء إذا أدام النظر نحوه، وإدامة النظر إلى الشيء يدل على استحسانه وتمنِّيه، ولهذا فسره ابن عباس بالنهي عن التمني، فكان -صلى الله عليه وسلم- لا ينظر إلى ما يستحسن من متاع الدنيا، حتى رُوي أنه نظر إلى نَعَم بني المُصْطَلِق (١) وقد عَبِست في أبوالها وأبعارها، (فَتَقَنَّع بثوبه وقرأ هذه الآية) (٢)، قال أهل المعاني: وذلك أن يجف أبعارُها وأبوالُها على أفخاذها إذا نزلت من العمل أيام الربيع، فيكثر شحومُها ولحومُها وهي أحسن ما تكون (٣).
وقوله تعالى: ﴿أَزْوَاجًا مِنْهُمْ﴾ قال الزجاج: أي أمثالًا في النِّعَم (٤)، يعني أن الأغنياء بعضهم أمثال بعض في الغنى والنعمة فهي أزواج، وقال ابن قتيبة: أي أصنافًا منهم (٥)، والزوج في اللغة الصنف (٦)، وقد ذكرنا
(٢) ورد في: "غريب الحديث" لأبي عبيد ١/ ٣٨٠ بنحوه، و"تهذيب اللغة" (عبس) ٣/ ٢٣٠٧ بنصه، وانظر: "النهاية" لابن الأثير ٣/ ١٧١، "الدر المنثور" ٤/ ١٩٧ وزاد نسبته إلى ابن المنذر، "تفسير الألوسي" ١٤/ ٨١.
(٣) ورد بنحوه في: غريب الحديث ١/ ٣٨٠، و"تهذيب اللغة" (عبس) ٧/ ٢٣٠٣، و"تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ٢١٠ بنصه.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٨٦ بنصه.
(٥) "الغريب" لابن قتيبة ١/ ٢٤١ بلفظه.
(٦) انظر: (زوج) في: "المحكم" ٧/ ٣٦٥، و"اللسان" ٣/ ١٨٨٦.