وقال يونس (١): شغفها أصاب شغافها مثل كبدها، وقال ابن السكيت (٢): الشغاف هو الخلبُ، وهو جليدة لاصقة بالقلب، ومنه قيل: خلبه إذا بلغ حبه خلب قلبه، وشغفها إذا بلغ حبه شغاف قلبها، وقال الفراء (٣): (شغفها حبًّا) أي: خرق شغاف قلبها، وقال ابن قتيبة (٤): يقال. شغفت فلانًا، إذا أصبت شغافه، كما تقول: كبدته (٥)، إذا أصابت كبده.
وقال ابن الأنباري (٦): الشغاف غلاف القلب، وأنشد (٧):

يَعْلَمُ اللهُ أنَّ حُبَّكِ مِنِّي في سَوَادِ الفُؤادِ وِسْطَ الشِّغَاف
قال: والمعنى: شغفها حبه، أي: أصاب شغافها، ثم نقل الفعل عن الفاعل [فخرج الفاعل] (٨) مفسرًا نحو قولهم: طاب نفسًا، وقر عينًا، ﴿واشتعل الرأس شيبًا﴾، وهذا من كلامهم للاتساع (٩) في اللغة، والافتنان في اللفظ، وذلك أدل على البلاغة وأحلى في السمع، ولا يتعدى في هذا ما نطقت به العرب، لا يقال: عقل محمد جارية، على معنى عقلت جارية محمد، كما يقال: حسن محمد وجهًا، فعلى هذا (الحب) فاعل نقل عنه الفعل.
(١) "تهذيب اللغة" (شغف) ٢/ ١٨٩٤.
(٢) "تهذيب اللغة" (شغف) ٢/ ١٨٩٤.
(٣) "معاني القرآن" ٢/ ٤٢.
(٤) "مشكل القرآن وغريبه" ص ٢١٨.
(٥) في (أ)، (ج): (لبدته). باللام.
(٦) " الزاهر" ١/ ٥٠٩.
(٧) هو لعبد الله بن قيس الرقيات. انظر: "ديوانه" ص ٣٧، و"الزاهر" ١/ ٥٠٩.
(٨) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).
(٩) في (ج): (الاتساع).


الصفحة التالية
Icon