وقوله تعالى: ﴿يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا﴾ رجوع من الخطاب إلى الخبر، ﴿شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ﴾ قال ابن عباس: منه أحمر وأبيض وأصفر (١).
قال أبو إسحاق: هي تأكل الحامضَ والمُرَّ وما لا يُوصفُ طعمُهُ فيحيل اللهُ ذلك عَسَلًا يخرج من بطونها، إلا أنها تلقيه من أفواهها؛ كالريق الذي يخرج من فم ابن آدم (٢).
قوله تعالى: ﴿فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ﴾ أكثرُ المفسرين على أن الكناية تعود إلى قوله: ﴿شَرَابٌ﴾، وهو العسل، وقالوا: إن في العسل شفاء للناس (٣)، فإن قيل: قد رأينا من يَضُرُّه العسل، فكيف يكون فيه شفاء للناس؟! أجاب عن هذا الزجاج، وقال: الماء حياة كل شيء، وقد رأينا من يقتله الماء إذا أخذه على ما يُضَادُّه من علة في البدن (٤)، وهذا معنى قول السدي: فيه شفاء للأوجاع التي شفاؤها فيه (٥).

= معانيه ٤/ ٨٤، بنحوه، وأورد الطبري الروايات على القولين، ثم قال: وكلا القولين غير بعيد من الصواب... غير أنا اخترنا أن يكون نعتًا للسُّبل؛ لأنها إليها أقرب. "تفسير الطبري" ١٤/ ١٤٠.
(١) انظر: في "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٤٦٦، و"تنوير المقباس" ص ٢٨٨، وورد بلفظه بلا نسبة في "تفسير مقاتل" ١/ ٢٠٤ ب، والسمرقندي ٢/ ٢٤١، والثعلبي ٢/ ١٥٩ ب، والطوسي ٦/ ٤٠٤، والبغوي ٥/ ٢٩، و"ابن العربي" ٣/ ١١٥٧، والفخر الرازي ٢٠/ ٧٢، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ١٣٥، وابن كثير ٢/ ٦٣٤.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢١٠، بتصرف يسير.
(٣) ورد بنحوه في "تفسير مقاتل" ١/ ٢٠٤، و"معاني القرآن" للنحاس ٤/ ٨٥، والثعلبي ٢/ ١٥٩ب، و"تفسير الماوردي" ٣/ ٢٠٠، والطوسي ٦/ ٤٠٤، وانظر: "تفسير ابن عطية" ٨/ ٤٦٣، وابن الجوزي ٤/ ٤٦٦، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ١٣٦.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢١١، بنصه، لكنه في المصدر قال: (ما يصادف من علة).
(٥) ورد في "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢٤٢، بنصه، وانظر: "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٤٦٧.


الصفحة التالية
Icon