وذكر الزجاج في هذا وجهين، أحدهما: أفبِأنْ أَنْعَمَ اللهُ عليكم اتَّخَذْتُم النِّعَمَ لتجحدوا وتشركوا به الأصنام؛ فعلى هذا النعمة بمعنى الإنعام.
والثاني: قال أفبما أنعم الله به عليكم بأن بَيَّنَ لكم ما تحتاجون إليه تجحدون (١)، وعلى هذا، النِّعْمَة: اسم لما أَنعمَ اللهُ عليهم لا مصدر، والباء في: ﴿أَفَبِنِعْمَةِ﴾ يجوز أن تكون زيادة (٢)؛ لأن الجحود لا يُعدَّى بالباء، وهذا قول المفضَّل كما يقول: خذ الخطام وبالخطام، وتعلقت زيدًا وبه (٣)، ويجوز أن يراد بالجحود: الكفر (٤)، فعُدِّيَ بالباء لمعنى الكفر (٥).
٧٢ - قوله تعالى: ﴿وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا﴾ قال المفسرون: يعني النساء؛ خَلَقَ حواءَ من ضلع آدم (٦)، ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ

(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢١٢، بنصه.
(٢) انظر: التعليق على دعوى الزيادة في القرآن، عند آية [١٠]، من سورة إبراهيم.
(٣) انظر: "تفسير الفخر الرازي" ٢٠/ ٨٠، بنصه بلا نسبة.
(٤) ورد في "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢٤٢، بنحوه، وانظر: "تفسير البغوي" ٣/ ٧٧، و"تفسير البيضاوي" ٣/ ١٨٧، وأبي السعود ٥/ ١٢٧.
(٥) انظر: "تفسير الفخر الرازي" ٢٠/ ٨٠، بنصه دون عزو للواحدي.
(٦) ورد في "تفسير الطبري" ١٤/ ١٤٣ بنصه، و"معاني القرآن" للنحاس ٤/ ٨٧، بنصه، و"تفسير الثعلبي" ٢/ ١٦٠أ، بنصه، و"تفسير الماوردي" ٣/ ٢٠٢، بنصه، وانظر: "تفسير البغوي" ٣/ ٧٧، والزمخشري ٢/ ٣٣٦، وابن عطية ٨/ ٤٦٦، والفخر الرازي ٢٠/ ٨٠، وقد ذهب ابن عطية إلى أن الأظهر من قوله: {مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ أي: من نوعكم وعلى خلقتكم، كما قال: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ [التوبة: ١٢٨]، وكذلك ضعف الفخر الرازي هذا القول، وقال: وهذا ضعيف؛ لأن قوله: ﴿جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ خطاب مع الكل، فتخصيصه بآدم وحواء خلاف الدليل، بل الحكم عام في جميع المذكور والإناث؛ والمعنى: =


الصفحة التالية
Icon