ومعنى قوله: ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ يقول: أكثر هؤلاء المشركين لا يعلمون أن الحمد لي؛ لأن جميع النعمة مني، وذكر الأكثر وهو يريد الجميع.
قال أهل المعاني: عزل البعض احتقارًا له أن يُذْكَر، وقال آخرون: هو من الخاص في صِيَغِهِ، الذي هو عموم في معناه، والمعنى: بل هم لا يعلمون (١)، ثم زاد في البيان، فقال:
٧٦ - ﴿وَضَرَبَ الله مَثَلًا رَجُلَيْنِ﴾ قال أبو زيد: رجل أبْكَم وهو العَيُّ المُفْحَمُ، وقد بَكِمَ بَكَمًا وبَكَامَةً، وقال أيضًا: الأبْكَمُ: الأقْطَعُ اللِّسَانِ؛ وهو العَيُّ بالجوابِ الذي لا يُحْسِنُ وَجْهَ الكَلَامِ (٢)؛ لأنه لا يَفْهَم ولا يُفْهَم عنه.
وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ﴾، أي: هذا الأبكم ثِقْلٌ وَوَبَالٌ على صاحبه وقرينه وابن عمه وَوَلِيِّه، والكلّ: الذي هو عِيالٌ وثِقْلٌ على صاحبه (٣).
قال أهل المعاني: وأصله من الغِلَظ الذي هو نقيض الحدة، يقال: كَلّ السكينُ كلولاً، إذا غَلُظَ شفرته فلم يقطع، وكَلَّ لسانه إذا لم ينبعث في القول لِغِلَظه وذهاب حَدّه، وكَلّ عن الأمر يَكَلُّ إذا ثقل عليه فلم ينبعث فيه، فهو يَكَلُّ إذا لم ينفذ في الأمر (٤).
(٢) لم أجده في نوادره، وورد في "تهذيب اللغة" (بكم) ١/ ٣٧٩، بنصه.
(٣) ورد في "تهذيب اللغة" (كل) ٤/ ٣١٧٦، بنصه.
(٤) ورد بنحوه في: "أدب الكاتب" ص ٣٣٣، و"تفسير الطوسي" ٦/ ٤١٠، و"الفخر =