والزجاج (١) وابن قتيبة (٢).
قال مجاهد: كل هذا مَثَلُ إله الحق وما يُدْعَى من دونه من الباطل (٣)
وقال السدي: أما الأبكم فمِثْلُ الصنم؛ لأنه أَبْكَمُ لا ينطق، وهو كَلّ على عابديه؛ يُنْفِقون عليه ولا يُنْفِق هو عليهم ولا يَرْزقُهم، ﴿أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ﴾: الصنم من شرق أو غرب لا يأت بخير، يقول: لا يرزقهم ولا ينفعهم، ﴿هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ﴾، والذي يأمر بالعدل: الله تبارك وتعالى، ونحو هذا قال قتادة (٤).
وقال الزجاج: هل يستوي القادرُ التامُ التمييزِ والعاجزُ الذي لا يُحْسِن ولا يأتي بخير، فكيف تُسَوُّون بين الله عز وجل وبين الأحجار (٥).
وقال ابن قتيبة: هذا مَثَلُ آلهتهم؛ لأنها بُكْمٌ صُمّ عُمْيٌ، ثِقْلٌ على من عبدَها في خدمتها، وهي لا تأتيه بخير (٦).
ثم قال: ﴿هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ فجعل هذا المَثَلَ لنفسه، وقال في قوله: ﴿وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ﴾ هذا مثل للصنم الذي عبدوه، ﴿وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ﴾؛ لأنه يحمله إذا ظَعَن، وُيحَوِّلَه من مكان إلى مكان إذا تحرك، فقال الله تعالى: ﴿هَلْ يَسْتَوِي﴾:
(٢) "الغريب" لابن قتيبة ١/ ٢٤٨.
(٣) سبق توثيقه.
(٤) أخرجه الطبري ١٤/ ١٥٥، بنحوه عن قتادة، و"الدر المنثور" ٤/ ٢٣٥ - ٢٣٦، وعزاه إلى ابن أبي حاتم، بنحوه عن السدي.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢١٤، بنصه.
(٦) "تأويل مشكل القرآن" ص ٣٨٥، بنحوه تقريبًا.