والمعنى: خلق لكم الحواس التي بها تعلمون وتقفون على ما تجهلون، قال ابن عباس في هذه الآية: يريد لتسمعوا مواعظ الله وتُبْصِروا ما أنعم الله به عليكم منذ أخرجكم من بطون أمهاتكم إلى أن صرتم رجالًا، وتعقلوا عظمة الله (١)، ﴿وَالْأَفْئِدَةَ﴾ جمع الفؤاد؛ نحو غراب وأغربة (٢).
قال الزجاج: ولم يجمع فؤاد على أكثر العدد؛ لم يُقَل فيه: فِئْدان، كما قيل في غُراب وغِرْبَان (٣).
٧٩ - قوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ﴾، أي: مذللات في جَوِّ السماء، وهو الهواء، قال الزجاج: ﴿جَوِّ السَّمَاءِ﴾: الهواءُ البعيدُ من الأرض (٤)، وهذا حث على الاستدلال بها على مُسَخِّرٍ سَخَّرها، ومُدَبِّرٍ مَكَّنَها من التصرف في جو السماء، وهو الله تعالى.
وقوله تعالى: ﴿مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ﴾ يعني في حال القَبْض والبَسْط والاصطفاف، كقوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ﴾ الآية. [الملك: ١٩].
٨٠ - قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا﴾ الآية. السَّكَن: المَسْكَن، أنشد الفراء (٥):

(١) انظر: "تفسير الخازن" ٣/ ١٢٨، بنصه، و"تفسير الألوسي" ١٤/ ٢٠١، بنصه.
(٢) قال الزمخشري: وهو من جموع القلة التي جرت مجرى جموع الكثرة. انظر: "تفسير الزمخشري" ٢/ ٣٣٩.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢١٤، بنصه.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢١٤، بنصه.
(٥) نسبه الأزهري لابن الأعرابي.


الصفحة التالية
Icon