فبان أن الأمر على ما أخبر الله تعالى في قوله: ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٣] وقد قال نوف البكالي: قال [عُزير] (١): يارب خلق خلقًا فتضل من تشاء وتهدي من تشاء، فقيل: يا عُزير أعرض عن هذا، فأعاد ذلك، فقيل: أعرض عن هذا، فأعاد فقيل: أعرض عن هذا وإلا مُحِيْتَ عن النُّبُوة، أنا لا أسئل عما أفعل وهم يسألون (٢).
٩٤ - قوله تعالى: ﴿لَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ﴾ الآية. استأنف نهيًا عن أيمان الخديعة والمكر، توكيدًا للمنع عنها، ولِمَا ذكر من الوعيد بعدها؛ وهو قوله: ﴿فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا﴾ قال ابن عباس: يريد تزل عن الإيمان بعد المعرفة بالله، قال أبو عبيدة: وزليل القدم مثل لكل مبتلى بعد عافية أو ساقط في وَرْطَة بعد سلامة (٣)، وأنشد ابن جرير على هذا:
سَيَمْنَعُ منكَ السَّبْقُ إن كُنْتَ سابِقًا | وتُقْتَلُ إن زَلَّتْ بِكَ القدمان (٤) |
(٢) انظر: "تفسير الفخر الرازي" ٢٠/ ١٠٩، بنصه وعزاه للواحدي، وليس لهذه الرواية سند، ويبدو أنها من الإسرائيليات التي لا تصدق ولا تكذب.
(٣) "مجاز القرآن" ١/ ٣٦٧، بنصه تقريبًا.
(٤) "تفسير الطبري" ١٤/ ١٦٩، برواية: (تُلْطَعُ) بدل (تُقتل)، و (النَّعْلان) بدل (القدمان)، وورد في: "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٦٢ب، برواية: (تُلْطَمُ)، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ١٧٢.
(٥) يوم داحس والغبراء من أيام العرب المشهورة، بدايتها حرب وقعت بين قبيلتي عبس وذبيان، بسبب خلاف على سباق خيل بين أفراس لحذيفة سيد ذبيان، =