وقوله: ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ﴾، أي: بتحريم ما حرمنا عليهم، ﴿وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾، ثم عطف على هذا بالمغفرة لمن تاب منهم ومن غيرهم بعد المعصية، فقال:
١١٩ - ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ﴾، قال ابن عباس في (هذه الآية: يريد بـ ﴿السُّوءَ﴾: الشرك (١)، ﴿ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾: السوء، ﴿وَأَصْلَحُوا﴾، قال ابن عباس) (٢): يريد آمنوا وصدقوا وقاموا لله بفرائضه وانتهوا عن معاصيه (٣).
وقال أهل المعاني: شَرَطَ مع التوبة الإصلاح؛ للاستدعاء إلى الصلاح وترك الاغترار بما سلف من التوبة (٤).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا﴾ أي من بعد تلك الجهالة (٥) ﴿لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
١٢٠ - قوله تعالى: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً﴾ قال ابن مسعود وابن عباس في رواية الكلبي: مُعَلِّمًا للخير، وهو قول أكثر أهل التفسير (٦).

(١) انظر: "تفسير القرطبي" ١٠/ ١٩٧، وأبي حيان ٥/ ٥٤٦، و"تفسير الألوسي" ١٤/ ٢٤٩، والتعميم أولى من هذا التخصيص.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (د).
(٣) انظر: "تفسير أبي حيان" ٥/ ٥٤٦، بنحوه بلا نسبة.
(٤) ورد في "تفسير الطوسي" ٦/ ٤٣٧، بنصه تقريبًا.
(٥) ورد بلفظه في "تفسير هود الهواري" ٢/ ٣٩٣، والثعلبي ٢/ ١٦٦ أ، وانظر: "تفسير البغوي" ٥/ ٥٠، وبمعناه قال السمرقندي ٢/ ٢٥٤، قال: من بعد السيئة، وفي هذا التفسير نظر؛ لأن المغفرة لا تحصل بعد تلك الجهالة أو السيئة، بل بعد التوبة من الجهالة والسيئة، لذلك قال الطبري وغيره ١٤/ ١٩٠: أي من بعد توبهم.
(٦) أخرجه الطبري ١٤/ ١٩١، بنحوه من طرق عن ابن مسعود، وورد بنحوه عن ابن =


الصفحة التالية
Icon