إمامًا يُقْتَدَى به، قال قتادة: فليس من أهل دين إلا يتولونه ويرضون به (١).
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ وهو أيضًا كان في الدنيا من الصالحين، فلذلك قال: إن [من] (٢) بمعنى (مع)، وقال أهل المعاني: إنما قال: ﴿وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾، ولم يقل: في أعلى منازل الصالحين بحسب ما تقتضيه حاله من الفضل؛ لمدح من هو منهم، والترغيب في الصلاح ليكون صاحبُه في جَنْبِه إبراهيم، وناهيك بهذا الترغيب في الصلاح، وبهذا المدح لإبراهيم أن يُشَرَّفَ جُمْلة هو فيها، حتى يصير الاستدعاء إليه بأنه فيها (٣).
قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ الآية. هذا يدل على أن دين محمد -صلى الله عليه وسلم- دين إبراهيم، وشريعته كشريعته؛ حيث أُمر باتباعه وأُمرنا باتباعه، وهو الأفضل بسبقه إلى القول بالحق والعمل به من غير تقصير، وفيه قال عبد الله بن عمرو: أُمر باتباعه في مناسك الحج كما علَّم جبريلُ إبراهيمَ عليهما السلام (٤).
(٢) إضافة يقتضيها السياق ليستقيم المعنى، ولعلها سقطت.
(٣) ورد في "تفسير الطوسي" ٦/ ٤٣٨، بنصه تقريبًا.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" ٣/ ٣١٧، مفصلًا عن عبد الله بن عمرو عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، والثعلبي ٢/ ١٦٦ أ، مفصلًا عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وانظر: "تفسير القرطبي" ١٠/ ١٩٨، بنصه، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ٢٥٤، مفصلًا وزاد نسبته إلى عبد الرزاق في المصنف وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الشعب موقوفًا.