﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ [الفاتحة: ١] ثم قال: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ (١) [الفاتحة: ٥].
قال أبو علي الفارسي: يجوز في (أَنْ) في قوله: ﴿أَلَّا تَتَّخِذُوا﴾ [ثلاثة أوجه؛ أحدها: أن تكون (أَنْ) الناصبة للفعل، فيكون المعنى: ﴿وَجَعَلْنَاهُ هُدًى﴾ لأن لا تتخذوا] (٢).
والآخر: أن تكون معنى (أي) التي للتفسير، وانصرف الكلام من الغيبة إلى الخطاب في قراءة العامة؛ كما انصرف منها إلى الخطاب والأمر في قوله: ﴿وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا﴾ [ص: ٦] فكذلك انصرف مِن الغَيبة إلى النهي في قوله: ﴿أَلَّا تَتَّخِذُوا﴾.
والثالث: أن تكون زائدة (٣)، ويحمل ﴿أَلَّا تَتَّخِذُوا﴾ على القول المُضْمَر، فيكون التقدير: ﴿وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ فقلنا: لا تتخذوا من دوني شريكًا (٤).
قال المبرد: ولا أعرف لهذا وجهًا في العربية (٥)؛ لأنه لا يكون الوكيل الذي يوكله موكله ليخلفه فيما وكله فيه شريكًا، والوكيل هو الذي يفعل ما يفعله المُوَكِّل، والله -عز وجل- يتعالى عن أن يكون دونه من يُدْعى كما يُدْعَى، وَيفْعل كما يفعل، فنهاهم أن يضعوا أحدًا بهذا الموضع؛ إذ لا

(١) ورد بنصه تقريبًا في "الحجة للقراء" ٥/ ٨٣.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (د).
(٣) انظر التعليق على القول بالزيادة في القرآن، عند آية [١٠] من سورة إبراهيم.
(٤) "الحجة للقراء" ٥/ ٨٤ تصرف فيه بالتقديم والتأخير والاختصار.
(٥) أي تفسير وكيلًا بـ (شريكًا)، وهو قول مجاهد، أخرجه "الطبري" ١٥/ ١٨١٧، وورد في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ١٢٠، و"تفسير الماوردي" ٣/ ٢٢٧، و"الطوسي" ٦/ ٤٤٧، و"الدر المنثور" ٤/ ٢٩٤ وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد ورد قول المبرد في "تفسير الطوسي" ٦/ ٤٤٧، بنحوه.


الصفحة التالية
Icon