أنفسكم يقع الوبال.
قال النحويون: إنما قيل: ﴿وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا﴾ للتقابل، والمعنى: فإليها أو فعليها (١)، مع أن حروف الإضافة تقع بعضها موقع بعض إذا تقاربت، كقوله: ﴿بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا﴾ [الزلزلة: ٥] أي إليها.
وقوله تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ﴾ أي وعد المرة الآخرة من إفسادكم، قال المفسرون: فأفسدوا المرة؛ فقتلوا يحيى بن زكريا، فبعث الله عليهم (بخت نصر) البابلي المجوسي (٢) -أبغض خلقه إليه- فَسَبَا وقتل

(١) ورد بنحوه في "تفسير الطبري" ١٥/ ٣١، و"الثعلبي" ٧/ ١٠٤ ب، و"الطوسي" ٦/ ٤٥١، انظر: "تفسير ابن الجوزي" ٥/ ١٠، و"الفخر الرازي" ٢٠/ ١٥٨ بنصه، و"الدر المصون" ٧/ ٣١٦.
وذهب النحاس إلى أن لها على بابها، وقال: ﴿وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا﴾: أي يحصل العقاب لها، ثم قال: و (لها) بمعنى (عليها) لا يقوله النحويون الحذاق، وقد رجحه العكبري والمنتجب؛ قال العكبري: وقيل: هي على بابها، وهو الصحيح؛ لأن اللام للاختصاص، والعامل مختص بجزاء عمله حسنة وسيئة. انظر "إعراب القرآن" للنحاس ٢/ ٢٣١، و"الإملاء" ٢/ ٨٨، و"الفريد في إعراب القرآن" ٣/ ٢٦٠.
(٢) هذا القول مشهور، بل قال "الطبري" ١٥/ ٢٧: لا اختلاف بين أهل العلم أن إفسادهم في المرة الآخرة كان قتلهم يحيى بن زكريا، ومع ذلك فقد رده كثير من العلماء، قال الثعلبي: ومن روى أن بختنصر هو الذي غزا بني إسرائيل عند قتلهم يحيى بن زكريا، فغلط عند أهل السير والأخبار؛ لأنهم مجمعون على أن بختنصر إنما غزا بني إسرائيل عند قتلهم شَعْيَا وفي عهد أرمياء، قالوا: ومن عهد أرمياء وتخريب بختنصر بيت المقدس إلى مولد يحيى بن زكريا -عليهما السلام- أربعمائة سنة وإحدى وستون سنة، وقال السهيلي: وهذا لا يصح؛ لأن قتل يحيى كان بعد رفع عيسى، وبختنصر كان قبل عيسى بن مريم -عليهما السلام- بزمان طويل،.. ولكنه أريد بالمرة الأخرى حين قتلوا شَعْيَا؛ فقد كان بختنصر إذ ذاك حيًا، فهو الذي قتلهم وخرَّب بيت المقدس. وقال الفخر الرازي: التواريخ تشهد بأن =


الصفحة التالية
Icon