وقوله تعالى: ﴿لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ﴾ يقال: ساءه يسوؤه، أي: أحزنه، وذكرنا ذلك في مواضع (١)، قال أبو علي: قال: ﴿وُجُوهَكُمْ﴾ على أنَّ الوجوهَ مفعول ﴿لِيَسُوءُوا﴾، وعُدِّيَ إلى الوجوه، ولأن الوجوه قد يُراد بها ذَوو الوجوه؛ لقوله: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص: ٨٨]، وكأن الوجوه إنما خُصَّت بذلك؛ لأنها تدل على ما كان من ذوي الوجوه من الناس من حزنٍ ومسرةٍ وبشارةٍ وكآبةٍ (٢)، والمعنى: بعثناهم ليسوؤوا (٣)، وهذه قراءة العامة (٤)، وهي وَفْق المعنى واللفظ؛ أما المعنى: فإن المبعوثين هم (٥) الذين يسوؤونهم في الحقيقة؛ لقتلهم إيّاهم وأسرهم لهم، وأما اللفظ: فإنه يوافق قوله: ﴿وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ﴾، وقرأ حمزة: ﴿لِيَسُوءُوا﴾ على واحد بالياء (٦)، وفاعلُ يَسُوء يجوز أن يكون أحدَ شيئين: إما اسم الله سبحانه؛ لأن الذي تقدم بعثنا ورددنا وأمددنا، وإما أن يكون البعث، ودل عليه ﴿بَعَثْنَا﴾ المتقدم (٧)، والفعل يدل على المصدر؛ كقوله تعالى: {وَلَا

(١) منها في سورة البقرة آية [٤٩].
(٢) ورد في "تفسير الطوسي" ٦/ ٤٥٠ بنصه تقريبًا.
(٣) "الحجة للقراء" ٥/ ٨٦ بتصرف واختصار.
(٤) وهم: أبو جعفر ونافع وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وحفص عن عاصم، قرؤوا بالياء وضم الهمزة وإشباعها، انظر: "السبعة" ص ٣٧٨، و"علل القراءات" ١/ ٣١٣، و"إعراب القراءات السبع وعللها" ١/ ٣٦٣، و"الحجة للقراء" ٥/ ٨٥، و"المبسوط في القراءات" ص ٢٢٧، و"التبصرة" ص ٥٦٧، و"النشر" ٢/ ٣٠٦.
(٥) ساقطة من (د).
(٦) أي: (لِيَسُوءَ)، وقرأ بها كذلك عاصم وابن عامر. انظر المصادر السابقة.
(٧) ورد في "الحجة للقراء" ٥/ ٨٦ بنصه تقريبًا.


الصفحة التالية
Icon