للعطف بها على ﴿أَن﴾ الأولى؛ وذلك أنهم بُشِّرُوا بالنّعيمِ الذي لهم والعذاب الذي لأعدائهم، قال الفراء: أُوقعت (١) البشارة على قوله: ﴿أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا﴾ وعلى قوله: ﴿وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ الآية. على أن يكون المؤمنون بُشِّرُوا بهما جميعًا؛ كما تقول: بَشَّرت عبد الله أنه سيُعطى وأن عدوّه سيُمنَع (٢)، وذلك أن المؤمنين كانوا في أذى من المشركين فجعل الله لهم البشرى في الدنيا بعقاب الكافرين.
١١ - قوله تعالى: ﴿وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ﴾ الآية. القياس إثبات الواو في ويدعو، وحُذف في المصحف من الكتابة؛ لأنها لا تظهر في اللفظ، ولم تحذف في المعنى؛ لأنها في موضع رفع، فكان [حذفها باستقبالها اللام الساكنة، ومثلها:] (٣) ﴿يُنَادِ الْمُنَادِ﴾ [ق: ٤١] و ﴿فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ﴾ [القمر: ٥] فلو كان بالياء والواو كان صوابًا، هذا كلام الفراء (٤)، والمعنى: أن الإنسان ربما دعا عند الضجر والغضب على نفسه وأهله وولده بما لا يحب أن يستجاب له؛ كما يدعو لنفسه بالخير (٥)، والمعنى: كدعائه بالخير، ﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا﴾ أي في طلب ما هو شَرٌّ له، يَعْجل بالدعاء في الشر عجلته بالدعاء في الخير، هذا قول مجاهد وقتادة وعامة
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١١٧ بتصرف يسير.
(٣) ما بين المعقوفين إضافة من المصدر ليتضح المراد، ويبدو أنها سقطت.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١١٧ بتصرف.
(٥) ورد نحوه في "تفسير الطبري" ١٥/ ٤٧، و"الثعلبي" ٧/ ١٠٥ أ، انظر: "تفسير ابن الجوزي" ٥/ ١٣، و"الفخر الرازي" ٢٠/ ١٦٢، و"القرطبي" ١٠/ ٢٢٥، و"أبي حيان" ٦/ ١٣.