أي ليس رأي بمشؤوم، قال أبو زيد: كلما مرَّ من طائر أو ظبي أو غيره، وكل ذلك عندهم طائر وطير (١)، وأنشد لكثير:

جرت لي بهجرانك يا عز لا جرت ظباء اللوى لو أنني أتطير
ذكر في هذا البيت الظباء ثم جعلهن طيرًا؛ فقال:
فقلت لأصحابي ازجروا لا أبا لكم لعلكم للطير مني أزجر
فقالوا نراها طير صدق وقد جرى لي الطير منها بالذي كنت أحذر (٢)
ومذهبهم في العِيَافة والزجر (٣) معروفٌ، وأشعارهم في ذلك كثيرة، وهو باطل من أهل الجاهلية، إلا أنهم لما كانوا يتفاءلون (٤) في الخير والشر في الطائر والطير، سموا ما تفاءلوا (٥) به طائرًا وطيرًا، وإن لم يكن من
(١) ورد في "تفسير الطوسي" ٦/ ٤٥٦ بنصه تقريبًا.
(٢) لم أجده في "ديوانه"، ولم أقف عليه.
(٣) العيافة: زَجْر الطير؛ وهو أن يرى طائرًا أو غرابًا فيتطيَّر، قاله الأزهري، وفي اللسان، العيافة: زجْرُ الطير والتفاؤل بأسمائها وأصواتها ومَمَرِّها، وهو من عادة العرب كثيرًا، وهو كثير في أشعارهم، يقال: عافَ يعيف عيفًا إذا زجَرَ وحدَس وظن، والعائف: الذي يَعيفُ الطير فيَزْجُرُها.
انظر: "تهذيب اللغة" (عاف) ٣/ ٢٢٨٥، و"المحيط في اللغة" (عيف) ٢/ ١٧٢، و"اللسان" (عيف) ٥/ ٣١٩٣. الزَّجْرُ للطير وغيرها: التَّيَمُّنُ بِسُنُوحها، أو التَّشاؤم بِبُرُوحها، وإنما سُمّي الكاهنُ زاجرًا؛ لأنه إذا رأى ما يظن أنه يُتَشَاءمُ به زَجَرَ بالنَّهي عن المُضيِّ في تلك الحاجةِ برفع صوتٍ وشدَّةٍ، قاله الزجاج، وقال الليث: الزَّجرُ: أن يَزْجُرَ طائرًا أو ظَبْيًا سانِحًا أو بارحًا فيتطيَّر منه. [والسانحُ: ما وَلاَّك مَيَامِنَه، والبارح: ضِدُّه] انظر زجر في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥١٣، و"المحيط في اللغة" ٧/ ٢٠، و"اللسان" ٣/ ١٨١٣.
(٤) في جميع النسخ: (يتألفون)، والصحيح المثبت؛ لأن الكلام في التفاؤل لا التألف، فهو تصحيف.
(٥) في جميع النسخ: (ما تعالوا)، ولا معنى لذلك، والصواب المثبت، فلعلها تصحفت عنها.


الصفحة التالية
Icon