هذا قول الجمهور (١)، وقال بعض أهل المعاني: إنما خص العنق؛ لأن عمله لا يخلو إما أن يكون خيرًا يَزِينُه أو شرًا يَشِينُه، وما يُزَيِّنُ كالطوق والحُلِي، أو يَشِينُ كالغل، فإضافته إلى الأعناق (٢)، وعلى ما ذكر مجاهد (٣): ما قُسِمَ له أُثبت في ورقة وعُلّقت من عنقه، غير أنَّا لا نشاهد ذلك مرئيًا (٤)، والله أعلم.
وقوله تعالى: ﴿وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا﴾ قال الحسن: يا ابن آدم، بُسِطت لك صحيفة، ووُكِلَ بك ملكان، فهما عن يمينك وعن شمالك، فأما الذي (٥) عن يمينك فيحفظ حسناتك، وأما الذي عن شمالك فيحفظ سيئاتك، حتى إذا مِت طُويت صحيفتُك وجُعلت معك في قبرك حتى تُخْرَج لك يوم القيامة (٦)، فعلى هذا معنى: ﴿وَنُخْرِجُ لَهُ﴾، أي: من قبره معه، ويجوز أن يكون معنى: ﴿نُخْرِجُ﴾ نظهر له ذلك؛ لأنه لم ير كتابه في الدنيا، فإذا بُعث أُظهر له ذلك وليبرز من الستر.

(١) انظر: "تفسير مقاتل" ١/ ٢١٣ أ، و"الطبري" ١٥/ ٥١، و"معاني القرآن" للنحاس ٤/ ١٣٠، و"تفسير السمرقندي" ٢/ ٢٦٢، و"الثعلبي" ٧/ ١٠٥ ب، و"الماوردي" ٣/ ٢٣٣، و"الطوسي" ٦/ ٤٥٥، و"الفخر الرازي" ٢٠/ ١٦٨.
(٢) ورد بنحوه في "تفسير الطبري" ١٥/ ٥١، و"الثعلبي" ٧/ ١٠٥ ب، و"الطوسي" ٦/ ٤٥٧، انظر: "تفسير البغوي" ٥/ ٨٢، و"الفخر الرازي" ٢٠/ ١٦٨، و"الخازن" ٣/ ١٥٩، و"أبي حيان" ٦/ ١٥.
(٣) تقدم قريبا.
(٤) في (ش)، (ع): (بمريًا).
(٥) في جميع النسخ: (الذين)، والمثبت هو الصحيح.
(٦) أخرجه الطبري ١٥/ ٥٢ - ٥٣، بنحوه، وورد في "تفسير الثعلبي" ٧/ ١٠٥ ب، بنحوه، انظر: "تفسير الفخر الرازي" ٢٠/ ١٦٨، و"ابن كثير" ٣/ ٣٢، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ٣٠٤، و"تفسير الألوسي" ١٥/ ٣٢.


الصفحة التالية
Icon