و:
كَفَى بالنأيِ من أسماءَ كاف (١)
وقرأ ابنُ عامر: ﴿وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ﴾ رفعًا (٢)؛ كأنه قطعها عن سخر لئلا يجعل الحال مؤكدة، فابتدأ الشمس والقمر والنجوم، وجعل مسخرات خبرًا عنها؛ لأنه لا يقال: ذللت هذا الشيء مُذللا، ووهبت لك هذا موهوبًا، إلا في التأكيد النادر، وروى حفص عن عاصم: ﴿مُسَخَّرَاتٍ﴾ بالرفع وحدها (٣)؛ ووجه ذلك أنه لم يجعلها حالاً مؤكدة، وجعلها خبر ابتداء محذوف؛ كأنه قال بَعدُ: هي مسخراتٌ، فحذف المبتدأ وأضمر لدلالة الخبر عليه، وقد عُلم التسخير بما تقدم، وكون ﴿مُسَخَّرَاتٍ﴾ حالًا مؤكدة أسوغ من كونها خبرَ مبتدأ محذوف؛ لأن الخبر ينبغي أن يكون

= و"دارة": أمُّه، سميت بذلك لجمالها، تشبيها بدارة القمر.
والشاهد: قوله (معروفًا) حال مؤكِّدة لمضمون الجملة قبلها: (أنا ابن دارةَ).
(١) البيت لبشر بن أبي خازم الأسدي (جاهلي)، وعجزه:
وليس لِحبِّها ما عشتُ شافِ
"ديوانه" ١٤٢، وفيه: (إذا طال شافي) بدل (ما عشت شافي)، وورد في "أمالي ابن الشجري" ١/ ٢٨٢، ٤٣٢، و"الخزانة" ٤/ ٤٣٩، ١٠/ ٤٧٧ (عجز)، وورد غير منسوب في "الكامل" ٢/ ٩١٠، و"المقتضب" ٤/ ٢٢، و"الخصائص" ٢/ ٢٦٨ (صدر)، و"المنصف" ٢/ ١١٥، و"الموضح في وجوه القراءات" ٢/ ٧٣٢ (صدر)، و"شرح المفصل" ٦/ ٥٠، ١٠/ ١٠٣. (النأي) البعد، (أسماء) امرأة؛ يريد كفى النأي من أسماء كفايةً.
والشاهد قوله: (كافٍ) على أنه حال مؤكدة؛ لأنه إذا كفى فهو كافٍ لا محالة.
(٢) انظر: "السبعة" ص ٣٧٠، و"علل القراءات" ١/ ٣٠١، و"الحجة للقراء" ٥/ ٥٥، و"المبسوط في القراءات" ص ٢٢٣، و"التيسير" ص ١٣٧.
(٣) انظر: المراجع السابقة.


الصفحة التالية
Icon