فقال: ﴿كُلًّا نُمِدُّ﴾، أي: نُمِدَّ المؤمنين والكافرين من عطاء ربك (١).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا﴾، أي: ممنوعًا (٢)، يقال: حَظَرَه يَحْظُره حَظْرًا وحِظارة وحِظارًا، وكل من حال بينك وبين شيء فقد حظره عليك (٣).
٢١ - قوله تعالى: ﴿انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ يعني: في الرزق؛ فمن مُقِلٍّ ومِنْ مكثر، ومن مُوَسَّع عليه ومُقَتَّر، ﴿وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا﴾ يحتمل معنيين:
أحدهما: أن هذا خاص في المؤمنين الذين يدخلون الجنة، فتتفاوت درجاتهم في الآخرة أكبر مما تتفاوت درجات المرزوقين في الدنيا في الرزق، وهذا التفضيل بين المؤمنين خاصة.
والثاني: أن هذا التفصيل بين المؤمنين والكافرين، ويكون المعنى: أن المؤمنين يدخلون الجنة، والكافرين يدخلون النار، فتبين درجاتهم، وَيفضل (٤) أحد الفريقين على الآخر، وعلى هذا لا تدل الآية على تفاوت درجات المؤمنين بينهم، وإنما تدل على تفضيلهم على الكفار بدرجات الجنة، والمفسرون على القول الأول:
قال ابن عباس: إذا دخلوا الجنان اقتسموا المنازل والدرجات على
(٢) أخرجه "الطبري" ١٥/ ٦١ بلفظه ابن جريج وابن زيد، وورد في "تفسير الماوردي" ٣/ ٢٣٧، عن ابن عباس.
(٣) انظر (حظر) في "تهذيب اللغة" ١/ ٨٥٦، و"المحيط في اللغة" ٣/ ٥٩، و"مقاييس اللغة" ٢/ ٨٠، و"اللسان" ٢/ ٩١٨.
(٤) في جميع النسخ: (وتفضيل)، والمثبت أصوب.