ارحمهما) (١).
وذهب قوم إلى تخصيص قوله: ﴿وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا﴾؛ يعنون أن هذا في الوالدين المسلمين (٢)، فالآية عامة، ومعناها خاص في المسلمين، ونحو هذا روى عطاء الخرساني عن ابن عباس في قوله: ﴿وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ قال: ثم استثنى فقال: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ الآية. فجعل النهي عن استغفار المشركين -وإن كانوا أقارب- استثناءً عن قوله: ﴿وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا﴾: في المعنى (٣)، وهذا أحسن من أن يحكم بالنسخ على الدعاء للوالدين بالرحمة (٤).
وقال سفيان، وسئل كم يدعو لوالديه: في اليوم مرةً أو في الشهر أو في السنة؟ قال: نرجو أن يجزيه إذا دعا لهما في دبر الصلوات؛ كما أن الله تعالى قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ﴾ الآية [الأحزاب: ٥٦]، وكانوا يرون أن التشهد يجزي من الصلاة على النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وكما أن الله قال:

= و"أبي حيان" ٦/ ٢٨، و"الدر المنثور" ٤/ ٣١١ وعزاه إلى ابن المنذر والنحاس وابن الأنباري في المصاحف، وروي النسخ عن ابن عباس كذلك، انظر: "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" ص ٣٣٧، و"تفسير البغوي" ٥/ ٨٦، و"ابن عطية" ٩/ ٥٨، و"ابن الجوزي" ٥/ ٢٦، و"القرطبي" ١٠/ ٢٤٤.
(١) ما بين القوسين ساقط من (أ)، (د).
(٢) ورد بنحوه في "تفسير الطبري" ١٥/ ٦٨، و"الناسخ والمنسوخ" للنحاس ٢/ ٤٩٠، و"الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" ص ٣٣٧.
(٣) ورد في "الناسخ والمنسوخ" للهروي ص ٢٨٣، بنحوه.
(٤) وهذا القول هو الراجح، وأولى من دعوى النسخ؛ لإمكان الجمع بين الدليلين، ومتى أمكن الجمع فهو أولى من القول بالنسخ؛ لأن في النسخ إبطال أحد الدليلين، وفي القول بالتخصيص جمع بينهما، وعليه فالآية محكمة غير منسوخة.
انظر: "الإيضاح" لمكي ص ٣٣٨.


الصفحة التالية
Icon