من الله لخلقه، ومخاطبة للمؤمنين، يعني أن هذا خطاب لكل واحد من المؤمنين؛ كأنه قيل: ولا تجعل أيها الإنسان مع الله إلهًا آخر، وذكرنا معنى الملوم والمدحور في هذه السورة [آية ١٨ و٢٩].
٤٠ - قوله تعالى: ﴿أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ﴾ يقال: أصفاه بالشيء: أي آثره به، ويقال للضِّياع التي يستخلصها السلطان لخاصَّته: الصَّوافي (١).
قال أبو عبيدة في قوله: ﴿أَفَأَصْفَاكُمْ﴾: خَصَّكم (٢).
وقال المفضل: أخلصكم (٣). وقال أبو إسحاق: كانت الكفرة من العرب تزعم أن الملائكة بنات الله، فَوُبِّخُوا، وقيل لهم: ﴿أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ﴾، أي: اختار لكم ربكم صفوة البنين (٤).
وقال النحويون: هذه الألف ألف إنكار على صيغة السؤال عن مذهبٍ ظاهرِ العَوار لا جواب لصاحبه، إلا بما فيه أعظم الفضيحة (٥)، فإن قيل ما معنى: ﴿أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ﴾ مع أن لهم بنات؟ قيل: معناه: أَخَلَصَ لكم البنين دونه، وجعل البنات مشتركة بينكم وبينه، فاختصكم بالأَجَلّ وجعل لنفسه الأدون؟!
٤١ - قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ﴾ معنى التَّصْرِيف في
(٢) "مجاز القرآن" ١/ ٣٨٠، بنحوه.
(٣) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي ٢/ ٤٩٩، انظر: "تفسير ابن الجوزي" ٥/ ٣٧، و"الفخر الرازي" ٢٠/ ٢١٥.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٤١، بنصه تقريبًا.
(٥) ورد نحوه في "تفسير الطوسي" ٦/ ٤٨٠، وانظر: "تفسير الفخر الرازي" ٢٠/ ٢١٥ بنصه، و"الفريد في إعراب القرآن" ٣/ ٢٧٨، و"الدر المصون" ٧/ ٣٥٨.