تَقدّم الفعل منهما (١)، والفعل يدل على المصدر، ﴿قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا﴾ قال المفسرون: يعني هو قريب (٢)، قال ابن عباس: وعسى من الله واجب (٣)، وذكرنا هذا عند قوله: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢١٦].
٥٢ - قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَدْعُوكُمْ﴾ انتصب يومَ على البدل من قوله: ﴿قَرِيبًا﴾ على معنى: قل عسى أن يكون يوم يدعوكم، ويكون تأويله: عسى أن يكون البعث قريبًا يوم يدعوكم، وهذا معنى قول أبي إسحاق: أي يعيدكم يوم القيامة (٤)، ومعنى يدعوكم: أي بالنداء الذي يُسْمِعكم، وهو النفخة الأخيرة؛ كما قال: ﴿يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾ [ق: ٤١].
وقوله تعالى: ﴿فَتَسْتَجِيبُونَ﴾، أىِ: تجيبون، والاستجابة: موافقة الداعي فيما دَعا إليه؛ وهي الإجابة، إلا أن الاستجابة تقتضي طلب الموافقة، فهي أوكد من الإجابة (٥).
وقوله تعالى: ﴿بِحَمْدِهِ﴾ قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، يقول: بأمره (٦)، وهو قول سفيان (٧)، ولا أدري وجه هذا القول من

(١) في قوله: ﴿أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ﴾، وقوله: ﴿فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا﴾
(٢) ورد بنحوه في "تفسير الطبري" ١٥/ ١٠١، و"السمرقندي" ٢/ ٢٧٢، و"الثعلبي" ٧/ ١١١ أ، و"الطوسي" ٦/ ٤٨٨.
(٣) أورده السيوطي في "الدر المنثور" ١/ ٤٣٨ بنصه، وعزاه إلى ابن المنذر والبيهقي في سننه -لم أقف عليه- من طريق ابن أبي طلحة (صحيحة).
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٤٥، بنصه.
(٥) ورد في "تفسير الطوسي" ٦/ ٤٨٩، بنصه تقريبًا.
(٦) أخرجه "الطبري" ١٥/ ١٠١ بلفظه، وورد في "تفسير الثعلبي" ٧/ ١١١ أبلفظه، انظر: "تفسير البغوي" ٥/ ٩٩، و"ابن الجوزي" ٥/ ٤٥، و"ابن كثير" ٣/ ٥٣، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ٣٣٩ وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم.
(٧) ورد بلفظه في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ١٦٥، و"الماوردي" ٣/ ٢٤٩.


الصفحة التالية
Icon