عطاء: يريد بين النفختين الأولى والثانية يُكَفُّ عنهم العذاب فينامون (١)، مثل قوله في سورة يس: ﴿مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا﴾ [آية: ٥٢] وهم يعذبون من حين يموتون إلى النفخة الأولى، فعلى هذا القول ظنهم اللَّبْثَ القليل يعود إلى لُبْثهم بين النفختين، وقيل: معنى هذا: تقريب وقت البعث؛ كما قال الحسن: كأنك بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تَزَل (٢)، فهؤلاء إذا رأوا يوم القيامة وشاهدوا البعث، استقصروا مدة لُبْثِهم مع ما يعلمون من طول لَبْثِهم في الآخرة، وعند الحسن وقتادة: هذا اللَّبْثُ يعود إلى لَبْثهم في الدنيا لا إلى لَبْث البرزخ.
قال قتادة في قوله: ﴿وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا﴾، ذاكم والله لَمّا تحاقرت الدنيا في أنفسهم وقَلَّت؛ حين عاينوا يوم القيامة (٣).
وقال الحسن: ﴿إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا﴾: في الدنيا بطول لُبْثِكم في الآخرة (٤)، وهذه ثلاثة أقوال في معنى استقصارهم اللَّبْث (٥).

(١) ورد بنحوه في "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢٧٢، و"الثعلبي" ٧/ ١١١ أ، و"الماوردي" ٣/ ٢٤٩، وقال السمرقندي والثعلبي: هذا أصح ما قيل فيه؛ لأن بعض المبتدعة قالوا: إذا وضع الميت في قبره لا يكون عليه العذاب إلى وقت البعث، فيظنون أنهم مكثوا في القبر قليلاً.
(٢) ورد بنصه في "تفسير الجصاص" ٣/ ٢٠٤، و"الماوردي" ٣/ ٢٤٩، و"الطوسي" ٦/ ٤٨٨.
(٣) أخرجه "الطبري" ١٥/ ١٠٢، بنحوه، وورد بنحوه في "تفسير الجصاص" ٣/ ٢٠٤، و"الماوردي" ٣/ ٢٤٩، و"الطوسي" ٦/ ٤٨٩، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ٣٤٠ وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم.
(٤) ورد بنصه في "تفسير الماوردي" ٣/ ٢٤٩، و"الطوسي" ٦/ ٤٨٩.
(٥) وأظهرها القول الثالث؛ قول قتادة وقول الحسن الثاني، وقد اقتصر الطبري وابن كثير على ذكره، وأيّده ابن كثير بعدة شواهد قرآنية، اما القول الثاني فهو قريب =


الصفحة التالية
Icon