الكلبي: يعني الفَرْقَدين والجَدْي (١)، وهو اختيار الفراء (٢)، ﴿همْ يَهْتَدُونَ﴾ أي إلى الطريق والقبلة في البر والبحر.
١٧ - قوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ﴾ قال ابن عباس: يريد ما ذكر في هذه السورة، ومن يخلق هو الله عَزَّ وَجَلَّ، ﴿كَمَنْ لَا يَخْلُقُ﴾ يريد الأوثان؛ كقوله: ﴿هَذَا خَلْقُ اللَّهِ﴾ الآية. [لقمان: ١١] وإنما قال: ﴿كَمَنْ لَا يَخْلُقُ﴾ للوثن لاقترانه في الذكر مع الخالق؛ كقوله: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ﴾ الآية [النور: ٤٥] قال الفراء: والعرب تقول: اشتَبه عليّ الراكبُ وجمله، فلا أدري مَنْ ذا ومنْ ذا؟ حيثُ جَمَعَها وأحدُهما إنسان؛ صَلحت (مَنْ) فيهما (٣)، وقيل: إنهم لما عبدوها ذُكرت بلفظ (مَنْ) (٤)؛ كقوله: ﴿أَلَهُمْ أَرْجُلٌ﴾ الآية [الأعراف: ١٩٥]، وقد مر.
(١) انظر: "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٤٣٦، ورد غير منسوب في "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢٣١، (الفرقدان) نجمان منيران في بنات نعش، يضرب بهما المثل في طول الصحبة في التساوي والتشاكل، وقيل: نجمان في السماء لا يغربان ولكنهما يطوفان بالجدي، وقيل: كوكبان في بنات نعش الصغرى. انظر: "اللسان" (فرقد) ٦/ ٣٤٠٢، "جنى الجنتين في تمييز نوعي المثنيين" ص ٨٦.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٩٨، بلفظه.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٩٨، بنصه، وانظر: "تفسير الطبري" ١٤/ ٩٣.
(٤) ذكر هذين القولين توجيهًا لاستخدام (منْ) وهي للعاقل كما يقول النحويون للتعبير بها عن غير العاقل؛ وهي الأصنام، وحقها (ما) عندهم؛ لأن الأصنام غير عاقلة.