يكون العامل فيه ما قبله من قوله: ﴿وَفَضَّلْنَاهُمْ﴾؛ لأنه فعل ماض، وليس العامل أيضًا يدعو؛ لأنه فعل مستقبل، فإذا لم يكن في هذا الكلام فعل ظاهر يتعلق به الظرف تعلق بما دلّ عليه قوله: ﴿وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ (١)؛كما أن قوله: ﴿قَالُوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ﴾ [المؤمنون: ٨٢] على تقدير: أإذا متنا بعثنا، كذلك هاهنا يُجعل الظرفُ بمنزلة إذا، فيصير التقدير: إذا دُعي كل أناس لم يُظْلموا، ومثل هذا سُوّي قوله: ﴿وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ﴾ الآية [فصلت: ١٩].
وقوله تعالى: ﴿بِإِمَامِهِمْ﴾ الإمام في اللغة معناه: كل من ائتَمَّ به قوم كانوا على هدى أو ضلالة، والنبيّ إمام أُمّته، والخليفة إمام رعيته، والقرآن إمام المسلمين، وإمام الغلام في المكتب: ما يتعلمه كل يوم (٢)، واختلفوا في معنى الإمام هاهنا، فروى معمر عن قتادة، وشبل عن أبي نجيح عن مجاهد: بنبيهم (٣)، ورُوي ذلك مرفوعًا عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- (٤).
ويكون المعنى على هذا: أن ينادي يوم القيامة فيقول: هاتوا متبعي

(١) لم أقف عليه، وذُكر هذا القول في:"الإملاء" ٢/ ٩٤، و"البيان في غريب إعراب القرآن" ٢/ ٩٤.
(٢) ورد في "تهذيب اللغة" (أم) ١/ ٢٠٥، بنصه، انظر: "العين" (أمم) ٨/ ٤٢٨، و"مقاييس اللغة" ١/ ٢٨، و"اللسان" (أمم) ١/ ١٣٣.
(٣) أخرجه "عبد الرزاق" ٢/ ٣٨٢ بلفظه عن قتادة، و"الطبري" ١٥/ ١٢٦ بلفظه عنهما من طرق، وورد بلفظه في "تفسير الجصاص" ٣/ ٢٠٥، عنهما، و"السمرقندي" ٢/ ٢٧٧، عن مجاهد، و"الثعلبي" ٧/ ١١٤ ب، و"الماوردي" ٣/ ٢٥٨، و"الطوسي" ٦/ ٥٠٤، عنهما، و"الدر المنثور" ٤/ ٣٥١ وزاد نسبته إلى ابن المنذر عن مجاهد.
(٤) لم أقف عليه مسندًا، وورد عنه بلفظه في "تفسير الثعلبي" ٧/ ١١٤ ب، "الفجر الرازي" ٢١/ ١٧.


الصفحة التالية
Icon